للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأشباح بلا أرواح، ليس لهم من الحياة إلا حركة الأجسام التي عشعشت فيها الغفلة وفرّخت فيها العناءَ والكآبة؛ ولذا فأعمالهم مظلمة؛ نتيجة سواد قلوبهم، وما صلاح الظاهر إلا بصلاح الباطن، وما فساده إلا بفساده.

تاسعًا: أنه باب جامع يُتمسك به عند ازدحام أعمال الخير، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: إِنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيْنَا، فَبَابٌ نَتَمَسَّكُ بِهِ جَامِعٌ؟ قَالَ: (لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللهِ) (١).

عاشراً: أنه عبادة ميسرة في قولها وفي زمانها وفي مكانها، فذكرُ الله تعالى عبادةٌ من العبادات العظيمة، ميسرة لا صعوبة فيها، ولا موانع تمنع منها، ولا مقدار يضبطها فلا تزيد عليه، قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} [الأحزاب: ٤١]: "إن الله تعالى لم يفرض على عباده فريضة إلا جعل لها حداً معلوماً، ثم عذر أهلها في حال العذر، غير الذكر؛ فإن الله لم يجعل له حداً ينتهي إليه، ولم يعذر أحداً في تركه إلا مغلوباً على تركه فقال: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: ١٩١]، بالليل والنهار، في البر والبحر، وفي السفر والحضر، والغنى والفقر، والسقم والصحة، والسر والعلانية، وعلى كل حال" (٢).

الحادي عشر: أن الله تعالى يباهي الله بأهله الملائكة الكرام، فقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا على حلقة في المسجد فقال: (ما أجلسكم)؟ قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام، ومنّ به علينا، قال: (آلله ما أجلسكم إلا ذاك)؟ قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال: (أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة) (٣).


(١) رواه أحمد (٢٩/ ٢٢٦)، والطبراني، المعجم الأوسط (٢/ ٣٧٤)، وهو صحيح.
(٢) تفسير ابن كثير/ دار الفكر (٣/ ٥٩٨).
(٣) رواه مسلم (٤/ ٢٠٧٥).

<<  <   >  >>