للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الألسن، وتنقشع الظّلمة عن الأبصار، زيّن اللّه به ألسنة الذّاكرين، كما زيّن بالنّور أبصار النّاظرين، فاللّسان الغافل كالعين العمياء، والأذن الصّمّاء، واليد الشّلّاء، وهو باب اللّه الأعظم المفتوح بينه وبين عبده، ما لم يغلقه العبد بغفلته" (١).

الطريق إلى دوام ذكر الله وكثرته:

أولاً: ترسيخ محبة الله تعالى في القلب. فإن محبة الله تعالى تدفع صاحبها إلى كثرة ذكر الله، وعلى قدر المحبة يكون الذكر، يقول ابن القيم: " لو صحت محبتك لاستوحشت ممن لا يذكِّرك بالحبيب، واعجبًا لمن يدِّعي المحبة ويحتاج إلى من يذكره بمحبوبه، فلا يذكره إلا بمذكِّر، أقل ما في المحبة أنها لا تنسيك تذكر المحبوب:

ذكرتُكَ لا أني نسيتُك ساعةً … وأيسرُ ما في الذكر ذِكرُ لساني" (٢).

ثانيًا: الاقتداء بالذاكرين الله كثيرا، ويأتي ذلك بمجالستهم، أو سماع أخبارهم أو قراءتها، وأكملهم أسوة للمؤتسين، وأتمهم قدوة للمقتدين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ فقد قالت عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه) (٣). قال النووي: " المقصود: أنه صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله تعالى متطهراً ومحدثًا وجنباً، وقائماً وقاعداً ومضطجعًا وماشيًا، والله أعلم" (٤).

ثالثًا: إجالة الفكر في فضل الذكر وأهميته وثمراته، فمن نظر إلى ذلك متأملاً دفعه إلى كثرة الذكر والمداومة عليه؛ طمعًا في نيل درجة أهله، والظفر بخيره في الدنيا والآخرة.

رابعًا: التعلق بالدار الآخرة، فمن كان قوي الرغبة في الآخرة، غير متعلق بالدنيا؛ أكثرَ من ذكر الله تعالى؛ لعلمه أن كثرة الذكر كنز يدخره لآخرته، وأما الدنيا ففانيةٌ غير


(١) مدارج السالكين، لابن القيم (٢/ ٤٢٣).
(٢) الفوائد، لابن القيم (ص: ٧٧).
(٣) رواه مسلم (١/ ٢٨٢).
(٤) شرح النووي على مسلم (٢/ ٩٠).

<<  <   >  >>