للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن خضع لنص الشرع دل ذلك على سلامة قلبه " فالقلب الصحيح السليم ليس بينه وبين قبول الحق ومحبته وإيثاره سوى إدراكه، فهو صحيح الإدراك للحق تام الانقياد والقبول له" (١).

إن هذا الانقياد والتسليم الذي على المسلم فعله مع نصوص الوحي: قرآنًا أو سنة؛ ينبغي أن يكون في جميع أحواله: الظاهرة والباطنة، والخاصة والعامة، وأن يكون عند هذا الانقياد راضيًا كل الرضا.

قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥].

فقد: " أقسم سبحانه بنفسه المقدسة قسما مؤكداً بالنفي قبله على عدم إيمان الخلق حتى يحكِّموا رسولَه في كل ما شجر بينهم من الأصول والفروع، وأحكام الشرع وأحكام المعاد وسائر الصفات وغيرها، ولم يثبت لهم الإيمان بمجرد هذا التحكيم حتى ينتفي عنهم الحرج وهو ضيق الصدر، وتنشرح صدورهم لحكمه كل الانشراح، وتنفسح له كل الانفساح، وتقبله كل القبول ولم يثبت لهم الإيمان بذلك أيضًا حتى ينضاف إليه مقابلة حكمه بالرضى والتسليم، وعدم المنازعة وانتفاء المعارضة والاعتراض … وعند هذا يعلم أن الرب تبارك وتعالى أقسم على انتفاء إيمان أكثر الخلق، وعند الامتحان تعلم: هل هذه الأمور الثلاثة موجودة في قلب أكثر من يدعي الإسلام أم لا؟ والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" (٢).

قال النووي: " بابُ ما يَقولُ مَنْ دُعي إلى حُكْمِ اللَّهِ تعالى

ينبغي لمن قال له غيرُه: بيني وبينَك كتاب اللّه، أو سنّة رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم، أو أقوال علماء المسلمين، أو نحو ذلك، أو قال: اذهبْ معي إلى حاكم المسلمين،


(١) إغاثة اللهفان، لابن القيم (١/ ١٠).
(٢) التبيان في أقسام القرآن، لابن القيم (٢/ ٤٣١).

<<  <   >  >>