للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

انتهازُ الفُرص

ليس للإنسان في دنياه غيرُ حياة واحدة، إذا ذهبت عنه فليس له فرصة أخرى لتعويضها، وما حياته إلا حظٌّ محدود، تنتهبه الأيام والليالي حتى يفنى، ويلقى بعدها جزاء ما قدم: إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.

قال أبو الدرداء رضي الله عنه: " ابنَ آدم، طأِ الأرضَ بقدمك؛ فإنها عن قليل تكون قبرك، ابنَ آدم، إنما أنت أيام، فكلما ذهب يوم ذهب بعضك، ابنَ آدم، إنك لم تزل في هدم عمرك منذ يوم ولدتك أمك" (١)! وقال الحسن: " ابنَ آدم، إنك بين مطيتين يُوضعانِك (٢): الليل إلى النهار، والنهار إلى الليل، حتى يسلماك إلى الآخرة، فمن أعظم منك يا ابن آدم، خطراً" (٣).

فحريٌّ بالعاقل أن يبادر زمانه فيستغل فرَصه، ويغتنم أنفاسه، فيما ينفعه في آخرته، ويسعده عند لقاء ربه؛ فإنه قد جاء إلى هذه الدنيا لغاية واحدة هي عبادة الله تعالى وحده، فذاهبُ العقلِ من اتجه إلى غاية أخرى فشغل بها حياته، حتى ضيع الغاية التي خُلق لأجلها.

فـ: " واعجباً من موجود لا يفهم معنى الوجود، فإن فهم لم يعمل بمقتضى فهمه. يعلم أن العمر قصير، وهو يضيعه بالنوم والبطالة، والحديث الفارغ، وطلب اللذات، وإنما أيامه أيام عمل لا زمان فراغ" (٤).


(١) الزهد الكبير، للبيهقي (ص: ٢٠٤).
(٢) يوضعانك: يسرعان بك. المعجم الوسيط (٢/ ١٠٣٩).
(٣) الزهد الكبير، للبيهقي (ص: ٢٠٤).
(٤) صيد الخاطر، لابن الجوزي (ص: ٣١٦).

<<  <   >  >>