للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثمرات الهمة العالية في طلب الآخرة:

أولاً: الرفعة وكمال اللذة:

من كانت هذه همته التي يعيش من أجلها فهو أرفع الناس قدراً، وأكملهم لذة؛ إذ "لذة كل أحد على حسب قدره وهمته، وشرف نفسه، فأشرف الناس نفسًا وأعلاهم همة وأرفعهم قدراً مَنْ لذته في معرفة الله ومحبته والشوق إلى لقائه، والتودد إليه بما يحبه ويرضاه، فلذته في إقباله عليه، وعكوف همته عليه، ودون ذلك مراتب لا يحصيها إلا الله، حتى تنتهي إلى مَنْ لذته في أخس الأشياء من القاذورات والفواحش في كل شيء من الكلام والفعال والأشغال" (١).

ثانيًا: صلاح القلب. ومن كانت همته عالية في طلب الآخرة صلح قلبه؛ فإنه متى ما " طلع نجم الهمة في ظلام ليل البطالة، وردفه قمر العزيمة أشرقت أرض القلب بنور ربها" (٢).

ثالثًا: الوصول إلى المُنى. فبالهمة العالية تسهل المشقات ويوصل إلى الغايات "فالكيِّسُ يقطع من المسافة بصحة العزيمة وعلو الهمة، وتجريد القصد، وصحة النية مع العمل القليل أضعاف أضعاف ما يقطعه الفارغ من ذلك مع التعب الكثير والسفر الشاق؛ فإن العزيمة والمحبة تذهب المشقة، وتطيب السير، والتقدم والسبق إلى الله سبحانه إنما هو بالهمم وصدق الرغبة والعزيمة، فيتقدم صاحب الهمة مع سكونه صاحبَ العمل الكثير بمراحل، فإن ساواه في همته تقدم عليه بعمله، وهذا موضع يحتاج إلى تفصيل يوافق فيه الإسلام والإحسان" (٣).


(١) الفوائد، لابن القيم (ص: ١٥٠).
(٢) المرجع السابق (ص: ٥١).
(٣) الفوائد، لابن القيم (ص: ١٤٢).

<<  <   >  >>