للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ

الفقر والحاجة، والضعف والعجز، والجهل والنقص، صفات ملازمة للإنسان، وأعداؤه المتربصون به- من نفسه وهواه، وفتن عيشه ودنياه، وشياطين الإنس والجن- لا يكفون عن إرادة إيقاعه في الضر، ومطالب الدين والدنيا كثيرة، والعوائق في طريق تحقيق كل ما يرغب الإنسان من ذلك غير قليلة.

ومع ذلك لا يسلم المرء من أنواع البلايا، وصنوف المحن والرزايا، وتعدد المكاره والمزعجات.

والإنسان في هذا الظرف الشائك الذي يعيش فيه يحتاج إلى يد منقذ رؤوف، وعطفة معين قادر قوي غني، يستطيع دائمًا أن يعطيه ما طلبه، ويعيذه مما يخافه، وليس ذلك إلا الله تعالى الذي بيده كل شيء تبارك وتعالى، فإنْ تركه بين أشداق هذه المهالك وحده فأنَّى له النجاة؟!

قال ابن القيم: "كيف يسلم من له زوجة لا ترحمه، وولد لا يعذره، وجار لا يأمنه، وصاحب لا ينصحه، وشريك لا يُنصفه، وعدوٌّ لا ينام عن معاداته، ونفس أمارة بالسوء، ودنيا متزيِّنة، وهوى مُردٍ، وشهوة غالبة له، وغضب قاهر، وشيطان مزِّين، وضعف مستولٍ عليه؟! فإن تولاه الله وجذبه إليه انقهرت له هذه كلها، وإن تخلى عنه ووكله إلى نفسه اجتمعت عليه فكانت الهلكة" (١).

وقال أيضًا: ماذا يملك مَنْ أمرُه وناصيته ونفسه بيد الله، وقلبه بين أصبعين من أصابعه يقلبه كيف يشاء، وحياته بيده، وموته بيده، وسعادته بيده، وشقاوته بيده،


(١) الفوائد، لابن القيم (ص: ٤٨).

<<  <   >  >>