للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أولاً: أن الدعاء عبادة من أعظم العبادات، فهو مع كونه طريقًا لنيل المصالح العاجلة والآجلة عبادة جليلة يؤجر عليها المسلم؛ لأن فيه تضرعًا وإظهاراً للعبودية لله وحده

عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الدعاء هو العبادة) ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: ٦٠] (١).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أفضل العبادة هو الدعاء وقرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: ٦٠] (٢).

فقوله: (الدعاء هو العبادة) "أي: هو العبادة الحقيقية التي تستأهل أن تسمى عبادة؛ لدلالته على الإقبال على الله والإعراض عما سواه، بحيث لا يرجو ولا يخاف إلا إياه، قائمًا بوجوب العبودية، معترفًا بحق الربوبية، عالمًا بنعمة الإيجاد، طالبًا لمدد الإمداد على وفق المراد" (٣).

وقيل: "معناه: أن الدعاء معظم العبادة، كما قال صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة)، أي: معظم أركان الحج الوقوف بعرفة، أو المعنى: أن الدعاء هو العبادة سواء استجيب أو لم يستجب؛ لأنه إظهار العبد العجزَ والاحتياجَ من نفسه والاعترافَ بأن الله تعالى قادر على إجابته، كريم لا بخل له ولا فقر ولا احتياج له إلى شيء، حتى يدخر لنفسه ويمنعه من عباده، وهذه الأشياء هي العبادة بل مخها" (٤).


(١) رواه أبو داود (١/ ٥٥١)، وابن ماجه (٢/ ١٢٥٨)، والترمذي (٥/ ٢١١)، والنسائي، سنن النسائي الكبرى (٦/ ٤٥٠)، وهو صحيح.
(٢) رواه الحاكم (١/ ٦٦٧)، وهو صحيح.
(٣) عون المعبود، للعظيم آبادي (٤/ ٢٤٧).
(٤) تحفة الأحوذي، للمباركفوري (٩/ ٢٢٠).

<<  <   >  >>