للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدعاء والداعي لا يشعر بذلك. " فـ"الأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح، والسلاح بضاربه لا بحده فقط، فمتى كان السلاح سلاحًا تاماً لا آفة به، والساعد ساعد قوي والمانع مفقود؛ حصلت به النكاية في العدو، ومتى تخلف واحد من هذه الثلاثة تخلف التأثير؛ فإن كان الدعاء في نفسه غير صالح أو الداعي لم يجمع بين قلبه ولسانه في الدعاء أو كان ثَم مانع من الإجابة لم يحصل الأثر" (١).

ومن تتبع القرآن العظيم وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وجد للدعاء آدابًا منها الواجب ومنها المستحب، فمن تلك الآداب:

أولاً: أن يتوجه العبد بدعائه إلى ربه لا إلى غيره، فيدعوه طمعًا في الثواب وحصول الخير، وخوفًا من العقاب واستمرار الشر أو نزوله، قال تعالى: {وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: ٥٦].

ثانيًا: إخفاء الدعاء وخفض الصوت به، قال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: ٥٥].

قال الحسن البصري: "ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت، إن كان إلا همساً بينهم وبين ربهم؛ وذلك أن الله تعالى يقول: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} وذلك أن الله ذكر عبداً صالحاً رضي فعله فقال: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً} " (٢).

ثالثًا: اختيار جوامع الدعاء، التي تشتمل على خيري الدنيا والآخرة، ومن أمثلتها من القرآن قوله تعالى: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: ٢٠١]. وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: دخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي- وله حاجة، فأبطأت عليه- قال: (يا عائشة، عليك بجمَل الدعاء،


(١) المرجع السابق (ص: ٨).
(٢) تفسير ابن كثير (٢/ ٢٧٠).

<<  <   >  >>