للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي علمه النبي لحِبِّه معاذ بن جبل رضي الله عنه فقال: (يا معاذ، والله إني لأحبك، فلا تنس أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك). فأنفع الدعاء طلب العون على مرضاته، وأفضل المواهب إسعافه بهذا المطلوب. وجميع الأدعية المأثورة مدارها على هذا، وعلى دفع ما يضاده وعلى تكميله وتيسير أسبابه فتأملها. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه: تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال العون على مرضاته، ثم رأيته في الفاتحة في: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥] " (١).

سادسًا: القيام بطاعة الله وترك معاصيه، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: ١٨٦].

ففي الآية "توجيه منه سبحانه إلى ما يجعل الدعاء مرجو القبول والإِجابة، والمعنى: لقد وعدتكم يا عبادي، بأن أجيب دعاءكم إذا دعوتموني، وعليكم أنتم أن تستجيبوا لأمري، وأن تقفوا عند حدودي، وأن تثبتوا على إيمانكم بي؛ لعلكم بذلك تصلون إلى ما فيه رشدكم وسعادتكم في الحياتين العاجلة والآجلة. وأمرهم سبحانه بالإِيمان بعد الأمر بالاستجابة؛ لأنه أول مراتب الدعوة، وأولى الطاعات بالاستجابة" (٢).

قال وهب بن منبه: " الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر" (٣).

سابعًا: عدم الاعتداء في الدعاء، قال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: ٥٥].

والمعنى: "إن ربكم لا يحب من اعتدى فتجاوز حدَّه الذي حدَّه لعباده في دعائه ومسألته ربَّه، ورفعه صوته فوق الحد الذي حدَّ لهم في دعائهم إياه، ومسألتهم، وفي غير


(١) مدارج السالكين، لابن القيم (١/ ٧٨).
(٢) الوسيط لسيد طنطاوي (ص: ٣٠٩).
(٣) شعب الإيمان، للبيهقي (٢/ ٥٣).

<<  <   >  >>