للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أعلامُ هُدى

للصالحين السالفين كلمات من نور، خلَّدها الزمان، وبقيت محفوظة في ذاكرة الأيام، لا تزيدها الدهور إلا جلاء وضياء؛ لأنها خرجت من ألسنة صادقة، أملتْها عليها قلوب مؤمنة، وصدَّقتها جوارح في ميدان الخير سابقة، ولأن قائليها هم أهل العلم واللسان، وأرباب الصلاح والبيان. ولذلك أصبحت عبارات أولئك القوم العالِمين العاملين منارات هداية يهتدي بها الناس من بعدهم، وصار لها محل في القلوب، وقبول في النفوس.

فما أجمل أن نصلح قلوبنا بشيء من تلك الكلمات المنيرة، ونعظ أنفسنا بتلك المواعظ البليغة النافعة، ونجاهد أنفسنا على السير في منوال ما دعت إليه وحثَّت، ونبتعد عما نهت عنه وحذّرت؛ فإن مصدرها كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: ٩٠].

أمير المؤمنين أبو بكر رضي الله عنه:

يقول أمير المؤمنين أبو بكر الصديق رضي الله عنه في إحدى خطبه-واعظًا بما جرى في القبور لأهل الجمال والملك والجاه والقوة والشباب من التغيير-: "أين الوِضاءُ الحسنةُ وجوهُهم، المعجبون بشبابهم، أين الملوك الذين بنوا المدائن وحصنوها بالحيطان، أين الذين كانوا يُعطَون الغلبة في مواطن الحرب، قد تضعضع بهم الدهر، فأصبحوا في ظلمات القبور؟ الوَحَا الوحا (١) ثم النجا النجا" (٢).


(١) يعني: السرعة السرعة. النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير (٥/ ٣٥٢).
(٢) إحياء علوم الدين، للغزالي (٤/ ٤٥٦).

<<  <   >  >>