للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال بعض الشعراء:

أَلَا إنَّمَا الدُّنْيَا كَأَحْلَامِ نَائِمِ … وَمَا خَيْرُ عَيْشٍ لَا يَكُونُ بِدَائِمِ

تَأَمَّلْ إذَا مَا نِلْت بِالْأَمْسِ لَذَّةً … فَأَفْنَيْتَهَا هَلْ أَنْتَ إلَّا كَحَالِمِ

فَكَمْ غَافِلٍ عَنْهُ وَلَيْسَ بِغَافِلٍ … وَكَمْ نَائِمٍ عَنْهُ وَلَيْسَ بِنَائِمِ (١).

وَقَالَ الشَّاعِرُ:

تَمَتَّعْ مِنْ الْأَيَّامِ إنْ كُنْت حَازِمًا … فَإِنَّك مِنْهَا بَيْنَ نَاهٍ وَآمِرِ

إذَا أَبْقَتْ الدُّنْيَا عَلَى الْمَرْءِ دِينَهُ … فَمَا فَاتَهُ مِنْهَا فَلَيْسَ بِضَائِرِ

فَلَنْ تَعْدِلَ الدُّنْيَا جَنَاحَ بَعُوضَةٍ … وَلَا وَزْنَ ذَرٍّ مِنْ جَنَاحٍ لِطَائِرِ

فَمَا رَضِيَ الدُّنْيَا ثَوَابًا لِمُؤْمِنٍ … وَلَا رَضِيَ الدُّنْيَا جَزَاءً لِكَافِرِ (٢).

والعيش في الدنيا كالاستظلال تحت شجرة ثم تُتترك ويُنتقل عنها إلى غيرها، فكيف ينشغل عاقل بالظل عن مواصلة طريقه إلى هدفه المنشود؟! فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير فقام وقد أثر في جنبه، قلنا: يا رسول الله، لو اتخذنا لك وطاء، فقال: (ما لي وللدنيا ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها) (٣).

والدنيا بجانب الآخرة قليلة، فأيُّ لبيب يدع الكثير ويقبل على القليل؟!

قال تعالى: {فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} [التوبة: ٣٨]. يعني: ما الدنيا " التي مالت بكم، وقدمتموها على الآخرة {إِلا قَلِيلٌ} أفليس قد جعل اللّه لكم عقولا


(١) أدب الدنيا والدين، للماوردي (ص: ١٣٤).
(٢) المرجع السابق (ص: ١٣٥).
(٣) رواه الترمذي (٤/ ٥٨٨)، وابن ماجه، (٢/ ١٣٧٦)، وهو صحيح.

<<  <   >  >>