للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

=وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم عيينة بن حصن بن حذيفة فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر، وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كهولاً كانوا أو شباباً، فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي، لك وجه عند هذا الأمير، فاستأذن لي عليه، قال: سأستأذن لك عليه، قال ابن عباس: فاستأذن الحر لعيينة، فأذن له عمر، فلما دخل عليه قال: هيْ يا ابن الخطاب (١) فوالله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم بيننا بالعدل. فغضب عمر حتى همَّ به فقال له الحر: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: ١٩٩]. وإن هذا من الجاهلين. والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقَّافاً عند كتاب الله (٢).

=وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه أدرك عمر بن الخطاب في ركب وهو يحلف بأبيه فناداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفاً فليحلف بالله وإلا فليصمت) (٣).

قال عمر: "فوالله ما حلفتُ بها منذ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ذاكراً ولا آثراً (٤) " (٥).

موقف ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه:

عن أنس بن مالك أنه قال: لما نزلت هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا


(١) قوله " هي يا ابن الخطاب " بمعنى التهديد له … والذي يقتضيه السياق أنه أراد بهذه الكلمة الزجر وطلب الكف لا الازدياد، وهذا من جفائه حيث خاطبه بهذه المخاطبة". فتح الباري لابن حجر (٢٠/ ٣٣٧).
(٢) رواه البخاري (٤/ ١٧٠٢).
(٣) رواه البخاري (٥/ ٢٢٦٥) ومسلم (٣/ ١٢٦٦).
(٤) معنى (ذاكراً: قائلاً لها من قبل نفسي، (ولا آثراً) بالمد أي: حالفاً عن غيري. شرح النووي على مسلم (١١/ ١٠٥). قال أبو عبيدة: ليس هو من الذكر ضد النسيان، وإنما معناه: قائلاً، كما تقول: ذكرت لفلان حديث كذا. فتح الباري، لا بن حجر (١/ ١١٩).
(٥) رواه البخاري (٦/ ٢٤٤٩).

<<  <   >  >>