للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَأَيْنَ الغَوانِي الشَّيْبَ لاحَ بمَفْرِقي … فأَعْرَضْنَ عَنِّي بالوُجُوهِ النَّواضِرِ (١).

وكُنَّ إِذا أَبْصَرْنَنِي أَوْ سَمِعْنَنِي … دَنَوْنَ فَرَقَّعْنَ الكُوَى بالمَحاجِرِ

وقال ابن نباتة:

تبسُّمُ الشيبِ بوجه الفتى … يُوجبُ سحَّ الدمع من جفنهِ

وكيف لا يبكي على نفسه … مَنْ ضحك الشيبُ على ذقنه (٢).

أما أهل الدين والحجى فيرونه عن الهوى والانحراف واعظًا يزجرهم، وناصحًا مخلصًا في نصحهم، ومنبِّهًا يوقظهم، وسائقًا يسوقهم إلى درب الاستعداد للقاء الله، كما يرونه نوراً يهديهم إلى أحسن الأعمال؛ لأنه يمنع عن المرء" الغرور والخفة والطيش، ويميله إلى الطاعة، وتنكسر به نفسه عن الشهوات" (٣).

قال يَزِيدَ بن الحَكَم الثَّقَفِي:

أَبَى الشَّيْبُ والإِسْلامُ أَنْ أتْبَعَ الهَوَى … وفي الشَّيْبِ والإِسلامِ للمَرْءِ رادِعُ (٤).

وقال سُحيْم:

عُمَيْرَةَ وَدِّعْ إِنْ تَجَهَّزْتَ غادِيا … كَفَى الشَّيْبُ والإِسْلامُ للمَرْءِ ناهِيا (٥).

أي: زاجراً رادعًا. والشيب نذير الموت، والموت يسن إكثار ذكره؛ لتتنبه النفس من سنة الغفلة، فيسن لمن بلغ سن الشيب أن يعاتب نفسه ويوبخها بإكثار التمثل بهذا


(١) الحماسة البصرية، لأبي الحسن البصري (ص: ٥٥).
(٢) المستطرف، للأبشيهي (٢/ ٧٠).
(٣) فيض القدير، للمناوي (٤/ ١٨٤).
(٤) الحماسة البصرية، لأبي الحسن البصري (ص: ١٢١).
(٥) المرجع السابق (ص: ١٥٨).

<<  <   >  >>