للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واعظُ الموت

رحلة لابد منها، ومطيَّة لا مناص من ركوبها، وسفر لا مهرب من التخلف عنه، ونهاية لاشك في الوصول إليها، إنها رحلة الموت إلى القبور، ومطية الركوب إلى تلك الدور، وسفر الوداع إلى منازل الأجداث، ونهاية الحياة الدنيا، وابتداء الحياة الآخرة.

يقول تعالى: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجمعة: ٨]. وقال تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: ٣٠].

وقال تعالى: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق: ١٩]. " يقول عز وجل: وجاءت أيها الإنسان، سكرة الموت بالحق أي: كشفت لك عن اليقين الذي كنت تمتري فيه {ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} أي هذا هو الذي كنت تفر منه قد جاءك فلا محيد ولا مناص ولا فكاك ولا خلاص" (١).

وقال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: ١٨٥].

"وهذه الآية فيها تعزية لجميع الناس؛ فإِنه لا يبقى أحد على وجه الأرض حتى يموت، فإِذا انقضت المدة وفرغت النطفة التي قدر الله وجودها في صلب آدم وانتهت البرية، أقام الله القيامة وجازى الخلائق بأعمالها جليلها وحقيرها، كثيرها وقليلها، كبيرها وصغيرها، فلا يظلم أحداً مثقال ذرة" (٢).


(١) تفسير ابن كثير (٤/ ٢٧٠).
(٢) تفسير ابن كثير (١/ ٥٣٥).

<<  <   >  >>