للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة) (١). "أي: من مشى إلى تحصيل علم شرعي قاصداً به وجه الله تعالى، جازاه الله عليه بأن يوصله إلى الجنة مسلَّما مكرمًا" (٢).

أما أهله الحاملون له، العاملون به فلهمْ بسببه فضل عظيم، وشرف كبير، ومما يدل على ذلك: قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: ١٨]. قال ابن القيم: " وهذا يدل على فضل العلم وأهله من وجوه: أحدها: استشهادهم دون غيرهم من البشر، والثاني: اقتران شهادتهم بشهادته، والثالث: اقترانها بشهادة ملائكته، والرابع: أن في ضمن هذا تزكيتهم وتعديلهم؛ فإن الله لا يستشهد من خلقه إلا العدول … " (٣). وذكر-رحمه الله- وجوهًا أخرى.

ومما يدل على فضلهم: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: ١١]. قال الشوكاني: " في الدنيا والآخرة بتوفير نصيبهم فيهما {والذين أوتوا العلم درجات} أي: ويرفع الذين أوتوا العلم منكم درجات عالية في الكرامة في الدنيا، والثواب في الآخرة، ومعنى الآية: أنه يرفع الذين آمنوا على من لم يؤمن درجات، ويرفع الذين أوتوا العلم على الذين آمنوا درجات، فمن جمع بين الإيمان والعلم رفعه الله بإيمانه درجات، ثم رفعه بعلمه درجات" (٤).

ومما يدل على شرف أهله: ما جاء عن كثير بن قيس قال: كنت جالسًا مع أبى الدرداء في مسجد دمشق، فجاءه رجل فقال: يا أبا الدرداء، إني جئتك من مدينة الرسول صلى الله


(١) رواه مسلم (٤/ ٢٠٧٤).
(٢) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي (٢٢/ ٤٤).
(٣) مفتاح دار السعادة، لابن القيم (١/ ٤٨).
(٤) فتح القدير، للشوكاني (٥/ ٢٦٦).

<<  <   >  >>