للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه وسلم لحديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما جئت لحاجة. قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا سلك الله به طريقًا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهمًا، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر) (١).

ومما يدل على فضل أهله أيضًا: قوله عليه الصلاة والسلام: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) (٢).

قال ابن حجر: ومفهوم الحديث: أن من لم يتفقه في الدين - أي: يتعلم قواعد الإسلام وما يتصل بها من الفروع - فقد حُرم الخير، ومن لم يعرف أمور دينه لا يكون فقيهًا ولا طالب فقه، فيصح أن يوصف بأنه ما أُريد به الخير، وفي ذلك بيان ظاهر لفضل العلماء على سائر الناس، ولفضل التفقه في الدين على سائر العلوم" (٣).

ثمرة الغرس:

وأما فضله على صاحبه في واقع الحياة فمن ذلك ما ذكره ابن الجوزي حيث يقول: "فأمّا من أنفق عصر الشّباب في العلم فإنّه في زمن الشّيخوخة يحمد جنى ما غرس، ويلتذّ بتصنيف ما جمع، ولا يرى ما يفقد من لذّات البدن شيئًا بالإضافة إلى ما يناله من لذّات العلم. هذا مع وجود لذّاته في الطّلب الّذي كان يأمل به إدراك المطلوب، وربّما كانت تلك الأعمال أطيب ممّا نيل منها، كما قال الشّاعر:


(١) رواه أبو داود (٣/ ٣٥٤)، وابن ماجه (١/ ٨١)، وابن حبان، (١/ ٢٨٩)، وهو صحيح.
(٢) رواه البخاري (١/ ٣٩)، ومسلم (٢/ ٧١٨).
(٣) فتح الباري (١/ ١٦٥).

<<  <   >  >>