للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أولي النّهى" (١).

وقال مالك بن دينار: "رحم اللّه عبداً قال لنفسه: ألستِ صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثمّ زمّها، ثمّ خطمها، ثمّ ألزمها كتاب اللّه- عزّ وجلّ- فكان لها قائدا" (٢).

وعن الحسن: "لا تلقى المؤمن إلا يحاسب نفسه: ماذا أردت تعملين، وماذا أردت تأكلين، وماذا أردت تشربين، والفاجر يمضي قدمًا قدمًا لا يحاسب نفسه" (٣).

وعن وهب بن منبّه قال: "مكتوب في حكمة آل داود: حقّ على العاقل أن لا يغفل عن أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربّه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها مع إخوانه الّذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه، وساعة يخلو فيها بين نفسه، وبين لذّاتها، فيما يحلّ ويحمد؛ فإنّ في هذه السّاعة عونًا على تلك السّاعات، وإجمامًا للقلوب" (٤).

وعن ميمون بن مهران قال: لا يكون الرّجل تقيًّا حتّى يكون لنفسه أشدّ محاسبة من الشّريك لشريكه" (٥).

وقال الغزاليّ: "اعلم أنّ مطالب المتعاملين في التّجارات المشتركين في البضائع عند المحاسبة سلامة الرّبح، وكما أنّ التّاجر يستعين بشريكه فيسلّم إليه المال حتّى يتّجر ثمّ يحاسبه، فكذلك العقل هو التّاجر في طريق الآخرة وإنّما مطلبه وربحه تزكية النّفس؛ لأنّ بذلك فلاحها، قال اللّه تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها * وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها} [الشمس: ٩ - ١٠] وإنّما فلاحها بالأعمال الصّالحة. والعقل يستعين بالنّفس في هذه التّجارة إذ يستعملها


(١) محاسبة النفس، لابن أبي الدنيا (ص: ٥٩).
(٢) المصدر السابق (ص: ٢٦).
(٣) إغاثة اللهفان، لابن القيم (١/ ٧٨).
(٤) محاسبة النفس، لابن أبي الدنيا (ص: ٣٠).
(٥) المصدر السابق (ص: ٢٥).

<<  <   >  >>