للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تكون نهاية عمره؛ فإن ذلك يجعله على خوف من العاقبة؛ قال ابن بطال: "في تغييب الله عن عباده خواتيم أعمالهم حكمة بالغة وتدبير لطيف؛ وذلك أنه لو علم أحد خاتمة عمله لدخل الإعجاب والكسل من علم أنه يختم له بالإيمان، ومن علم أنه يختم له بالكفر يزداد غيًا وطغياناً وكفراً، فاستأثر الله تعالى بعلم ذلك ليكون العباد بين خوف ورجاء، فلا يعجب المطيع لله بعمله، ولا ييأس العاصي من رحمته؛ ليقع الكل تحت الذل والخضوع لله والافتقار إليه" (١).

فلذلك يظل العاقل مشمراً عن ساعد الجد في العمل الصالح بعيداً عن العمل السيء حتى يظفر بحسن الخاتمة التي متى مات عليها بعث على خير.

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما رجل واقف بعرفة إذ وقع عن راحلته فوقصته (٢) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين، ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبِّيا) (٣).

ولهذا كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يدعو فيقول: (اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة) (٤).

وقال صلى الله عليه وسلم: (من مات على شيء بعثه الله عليه) (٥).

" أي: يموت على ما عاش عليه [وختم له به]، ويراعى في ذلك حال قلبه لا حال شخصه؛ لأن نظر الحق إلى القلوب دون ظواهر الحركات، فمن صفات القلوب تصاغ الصور في الدار الآخرة، ولا ينجو فيها إلا من أتى الله بقلب سليم" (٦).


(١) شرح صحيح البخاري ـ لابن بطال (١٠/ ٢٠٣).
(٢) الوَقْصُ: كسر العُنُق. النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير (٥/ ٤٧٦).
(٣) رواه البخاري (١/ ٤٢٥)، ومسلم (٢/ ٨٦٥).
(٤) رواه أحمد (٢٩/ ١٧١)، وابن حبان (٣/ ٢٢٩)، وهو حسن.
(٥) رواه أحمد (٢٢/ ٢٧١)، والحاكم (٤/ ٣٤٨)، وهو صحيح.
(٦) فيض القدير، للمناوي (٦/ ٢٢٦).

<<  <   >  >>