للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنما الأعمالُ بالخواتيم

إن الله تعالى جعل لكل إنسان عمراً واحداً من عمر هذا الزمن الدنيوي، وأبهم عنه مقدار نصيبه من هذه الحياة الموقوتة؛ ولهذا يظل المسلم اليقظ دائمَ الانتباه، حاضر الاستعداد لملاقاة أجله، واستيفاء عمره، عاملاً لما ينفعه حين رجوعه إلى ربه.

هذا الحس الساهر يبعده عن سِنة الغفلة، ونعاس الفتور، والقعود عن التهيؤ ليوم المعاد؛ فيكون عند ذلك من المسارعين على الصراط المستقيم، فإذا بقي هذا الشعور حياً ساق صاحبه إلى حسن الخاتمة.

إن الحديث عن الخاتمة حديث تشرئب إليه الأعناق المؤمنة، وتقف له القلوب الحية؛ لأنه حديث عن النهاية، وحديث عن المرحلة الأخيرة من سفر الدنيا، وحديث عن الحال التي سيقابل بها كل إنسان ربه، فهي الصفحة الأخيرة من دفتر الحياة، وعليها ختم السعادة أو الشقاوة.

فلأجلها بقيت سبل الخير آهلة بالعاملين، وظل المؤمن قريباً من إلهه الحق يتقرب إليه، ويتضرع بين يديه، ولأجلها شمّر المشمرون، وجدّ العابدون. ولأجلها حلّق المؤمنون في آفاق العمر على جناحي الخوف والرجاء: يرجون رحمة الله وفضله، ويخافون عقوبته وتحويل القلوب عنه، فكم ذرفت لها من دموع، وهجرت جُنوبٌ النومَ والهجوع.

الخاتمة النجاة أو الهلاك:

لقد جعل الله تعالى خاتمة عمر الإنسان هي الأساس الذي يبنى عليه مستقبله في الآخرة، فإن أحسن فيه فنعمَ ما ينتظره عند ربه، وإن أساء فيه فيا بئس ما سيلقى.

وحينما كان الإنسان مكلَّفًا بعبادة ربه حتى يأتيه الموت وهو لا يدري على أية حال

<<  <   >  >>