للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكيف يستعمله؟ قال: (يوفقه لعمل صالح قبل موته) (١).

قال ابن رجب: " وهؤلاء منهم: من يوقظ قبل موته بمدة يتمكن فيها من التزود بعمل صالح يختم به عمره، ومنهم: من يوقظ عند حضور الموت فيوفق لتوبة نصوح يموت عليها" (٢).

وعن عبد الله بن عمرو قال: "من تاب قبل موته عاماً تيب عليه، ومن تاب قبل موته بشهر تيب عليه، حتى قال: يوماً، حتى قال: ساعة، حتى قال: فُواقاً (٣)، قال: قال الرجل: أرأيت إن كان مشركاً أسلم؟ قال: إنما أحدثكم كما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم" (٤).

سوء الخاتمة-نعوذ بالله منها-:

إن سوء الخاتمة أمر يستجيش دموع المؤمنين، ويخيف قلوب الصادقين؛ ذلك أن الإنسان لا يدري ما خاتمته وما كُتب له عند الله حين فراقه للدنيا؛ فلذلك يعمل صادقو الإيمان ما يوصلهم إلى هذا الأمر المخوف، والمصرع المهلك.

قال أبو محمد الإشبيلي: "اعلم رحمك الله أن هذا أمر إذا ذكر حقيقة ذكره انفطرت له القلوب، وتشققت وانصدعت له الأكباد وتقطعت، ولولا أن الآجال محدودة، والأنفاس معدودة فلا يتجاوز ذلك المحدود ولا يزاد على ذلك المعدود؛ لزهقت الأنفس عند أول ذكره زهوقاً، لا تجد لسرعته طعم وفاة، بل تكاد تنعدم معه انعداماً لا تعود معه إلى وجود ولا حياة، ولكنها مربوبة مدبرة مقهورة مصرفة، تخرج إذا أذن لها في الخروج، وتلج إذا أذن لها في الولوج، وقد كتب عليها الوجود والبقاء فلا انعدام ولا مطمع لها في ذلك ولا مرام.


(١) رواه أحمد (١٩/ ٩٤)، وأبو يعلى (٦/ ٤٠١)، وهو صحيح.
(٢) لطائف المعارف، لابن رجب (ص: ٣٧٠).
(٣) الفُوَاقُ" بضم الفاء وفتحها: الزمان الذي بين الحلْبتين. المصباح المنير، للفيومي (ص: ٢٥٠).
(٤) رواه أحمد (١١/ ٥١٧)، وهو حسن.

<<  <   >  >>