ولكن الحق تبارك وتعالى يحذر المسلمين من الاستغراق في متاع الدنيا، ويحثهم على الاعتدال والتوازن في الأخذ من متاعها، والاعتدال والتوازن في الإعراض عنها أيضًا. بل يأخذ منها ويعرض عنها وفق المنهج الذي أنزله الله، حتى لا تستقطبه ملذات الحياة الدنيا فيغرق نفسه فيها، وحتى لا يهملها ويترك ما فيها من متاع مباح فيفوته فيها ما أحب الله له أن يتبوأ من فضلة، ولكي لا يضل الإنسان الطريق، أنزل إليه الهدى في كتابه ليترسم خطاه، قال تعالى:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[الأعراف: ٣١] .
ومع حرص منهج الإسلام على أن يتمتع الإنسان بالحياة الدنيا وفق المنهج الرباني، فإن هذا المنهج ذاته يبين أن هذه الدنيا بما فيها من متاع، تكون الحياة فيها موقوته، وأنها معبر للحياة الآخرة التي هي دار القرار، ومن ثم لا ينبغي أن تشغل الحياة الدنيا الإنسان عن حياته الآخرة، إلا أن يكون ظالمًا لنفسه باغيًا ومتخطيا لحدود المنهج القويم.
قال تعالى:{وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}[آل عمران: ١٨٥] .