وفي عالم سريع التغير، مليء بالأحداث، مفعم بالتطورات والمشكلات، لا بد من أن تمد التربية المتعلم بباقة متنوعة من الخيارات في التخصصات والمقررات الدراسية، لكي يتسع مدى الخبرات وتتنوع بما يقابل الفروق الفردية بين المتعلمين.
بل، وأن تيسر التعلم للجميع، ليس فقط داخل المدرسة ولكن خارجها أيضًا. فهذا هو أهم ما يمكن أن تقدمه في هذا العصر السريع الخطى نحو التغيير. فإن الثورة العلمية التقنية وسيل المعلومات الهائل المتيسر الآن للإنسان. ووجود شبكات هائلة للإعلام، مع عديد من العوامل الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، قد عدلت كثيرا من صيغ وأشكال ونظم التعليم التقليدية، مظهرة ضعف بعضها وقوة البعض الآخر.
كما وسعت من نطاق التعلم الذاتي، ويسر فكرة الاكتساب الواعي النشيط للمعرفة، بحيث أصبح التعليم الخاص بالصغار والشباب والكبار يستدعي وجود عدد كبير متنوع من أشكال وأنماط التعليم الخارجة عن نطاق المدرسة.
وأخذت طرائق التدريس -أيضًا- طريقها للتقدم. فمن أمثلة المستحدثات فيها "التدريس بالفريق" بغية تكثيف الخبرات للمتعلم، وتوسيع نطاق التفاعل الإنساني في الموقف التعليمي، وقد ثبت من نتائج الدراسات التي أجريت في مجال تطبيق التعليم الفريقي، أن الجو الجماعي في المؤسسات التعليمية يساعد أفراد المجموعة في ترقية عواطفهم وميولهم, وتقليل التوترات والمشكلات النفسية، ويقود إلى تحسين علاقتهم بالمدرسين، وتوسع دائرة خبراتهم، وازدياد شعورهم بالمسئولية الاجتماعية. كما أن التعليم الفريقي يساعد الأفراد في التغلب على أزماتهم والصعوبات التي تواجههم. والقيام بوظائف وعمليات تعليمية لا تتاح لهم عادة في النظام التقليدي "مدرس وصف" كالاشتراك في الملاحظة العلمية والتحليل والتشخيص والتقويم.
وتهدف التربية الحديثة إلى تكوين المجتمع الشامل، فإضافة إلى تكوين مجتمع يأخذ أفراده بأسباب التعلم الذاتي المستمر، فإنه يستثمر جميع فئاته استثمارًا كاملًا. فتعمل التربية على اكتشاف الموهوبين والمتفوقين وتربية العلماء والمخترعين من بيهم، كما تعمل في الوقت نفسه على توجيه المتوسطين والمعوقين والأقليات والمحرومين اقتصاديا إلى أنسب ما يمكنهم عمله. فهؤلاء من موارد المجتمع التي يقع استثمار قدراتها إلى أقصى ما تمكنها استعداداتها على عاتق المناهج. وما لم تنهض المناهج بهولاء -بصفة خاصة- يصبحون عبئًا ثقيلًا على المجتمع.