ولكي يتكون المجتمع المنشود، وتتاح الفرصة للأفراد بأن يعطوا جميع ما عندهم، ويستنفذوا كل ما لديهم من قدرات واستعدادات ومواهب، فإن الاتجاهات الحديثة في التعليم تقضي بأن يصل التعليم في المدرسة إلى أقصى كفاءته ويظل كذلك. كما ينبغي أن يصل التعليم خارج المدرسة قمته ويستمر عندها. ومن بين ما يحقق ذلك، أن يمتد اليوم الدراسي إلى أن يكون يومًا دراسيا كاملًا، كما يمتد العام الدراسي إلى أقصى مدى، على أن يخصص بعد ذلك أوقات للفئات الخاصة.
وقد ظهر في عالم التربية والعلوم الأخرى، عدد كبير من المكتشفات والابتكارات والاختراعات تستطيع تطوير النظم التربوية، فالأبحاث الجارية في مجال دراسة الدماغ البشري وكيفية اكتساب المعرفة وتنظيمها والتقدم في نظرية المعلومات, ونتائج التجريب في علم النفس الفردي والجماعي والنماذج البنائية في العلوم بعامة وعلوم الإدارة والاقتصاد بخاصة، كلها تقدم للتربية دفعًا جديدًا نحو التطوير.
ويكون في موطن القلب من هذا التغيير الالتزام بمجموعة من القيم ونظم التعلم تمكن أعضاء المجتمع أن يمدوا تفكيرهم إلى أقصى قدراتهم منذ بواكر الطفولة، وطوال فترة النضج -كبالغين- ليتعلموا أكثر كلما تغير العالم من حولهم بشكل أكبر.
وتتوقف الاستفادة من هذه التطورات كلها على المناهج الدراسية؛ ذلك لأن تخطيط المناهج وتطويرها في المجتمع ينبغي أن يلاحق هذه التطورات لكي تسهم في تربية الأجيال القادرة على صياغة الحياة وفق معطيات العصر دون تجاوز لحدود المنهج الرباني.
٢- الاتجاهات المعاصرة في المناهج الدراسية فيما تتلعق بالبحث العلمي والتجريب التربوي:
لم تعد شئون الأمم بعامة، وشئونها التعليمية بخاصة تخضع لاجتهادات شخصية، أو تصورات فردية أو جماعية. كما أنها لم تعد تعتمد على الحدس.
وبالقطع فإنها لا تترك هكذا للصدفة أو كيفما تسيرها ردود لأفعال الآخرين من البشر أو الأمم.
وإنه لمن نافلة القول أن نذكر أن منبع الأساليب والتطبيقات الحديثة، ومنصة الانطلاق نحو الآفاق الرحيبة جديد مبتكر، هو البحث العلمي والدراسات الكاشفة عن مكونات الكون التي غيبها الله -سبحانه وتعالى- عن عباده إلى حين. فالبحث العلمي أسلوب موثوق فيه لحل المشكلات التي تواجهها مختلف