للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة: ١٦٤] .

ومن أهم سمات التوجيه الإسلامي توجيه العقل إلى رفض كل ما لم يقم عليه دليل عقلي أو نقلي. لذلك نجد القرآن يرد تمسك الكفار بدين آبائهم أن آباءهم يعتنقونه، ودون أن يتدبروا فيه بعقولهم. قال تعالى على لسانهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف: ٢٣] .

ويوجه الإسلام العقل إلى منهج تفكير يقوم على التثبت والتقصي قبل الأخذ بالأمر أو الحكم عليه؛ وذلك لأن تأسيس الحكم على جهالة يوقع في الخطأ، ومن ثم يورث الندم.

قال تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا} [الإسراء: ٣٦] .

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: ٦] .

ويوجه الإسلام العقل إلى أن يفكر الإنسان في حكمة التشريع. تقول عائشة عبد الرحمن في مقالها: "العقل في عقيدتنا لب الإنسان ومناط الرشد والتكليف" "٨، ٧".

العقل في البيان القرآني هو لب الإنسان وفؤاده. لم يأت في القرآن بغير هذه الكلمات الثلاث، القلب بدلالته على العقل، ويكثر أن يجيء بدلالته على العواطف والأهواء، وكذلك الفؤاد والأفئدة، وتتمحص الألباب العقول. فأولو الألباب هم أولو العقول، باستقراء آياتها في القرآن. وعددها ست عشرة آية، مع ملحظ من التوجيه فيها إلى ذوي العقول النيرة الرشيدة، المرجوين للتدبر والتذكر والتقوي والاعتبار. مثل قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: ١٧٩] .

<<  <   >  >>