هذا، علمًا بأن الواجب على علماء المسلمين أن يتابعوا الاجتهاد، ليس فقط من أجل المشكلات التي يواجهها المسلمون ولا يجدون لها حلا عند العلماء فينفد صبر الشباب ويغامر للفتيا دون أساس أو تأهيل لذلك، ولكن ينبغي عليهم أيضًا أن يستبقوا حدوث هذه المشكلات -باستقرائها استبصارا وحدسًا ونفاذ بصيرة- ويحاولوا استنباط حلول لها.
فالحياة المعاصرة تتغير وتتبدل كل يوم، والمسلمون يقفون حيارى أماما أنماط جديدة من المكتشفات العلمية, وما تفرزها من مشكلات. وما لم يجد المسلمون لها حلول مستنبطة من الإسلام، سوف تستورد حلولها من المجتمعات الأخرى، أو يغامر غير القادرين على الفتيا بحلول منسوبة إلى الإسلام تكون في غالبها -ما لم تكن جميعها- تضليلًا للمسلمين، وهذان أمران أحلاهما مر.
ولعلنا لا نذهب بعيدًا عن الواقع إذا ما قلنا: إن العزوف عن الاجتهاد قد أسهم في دفع المسلمين إلى أن يتبعوا غير المسلمين، وفي تفرق المسلمين داخل العالم الإسلامي شيعًا وأحزابًا، وفي بعد المسلمين عن جوهر عقيدتهم ومنهج دينهم القويم.