للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلمون بالرؤية العلمية، وأن يناظر العلم علما مثله، وأن تجب الحقيقة حقيقة مثلها، ولا ضير من معاودة النظر في كتاب الله ومراميه على ضوء المجهر العصري "٥، ٨-٩".

وكاتب هذا البحث يرى أن العبارة: "ولا ضير من معاودة النظر في كتاب الله ومراميه على ضوء المجهر العصري". ذات دلالة عميقة على صلاح الإسلام لكل زمان ومكان وعلى ضرورة استمرار الاجتهاد. ودلالة هذه العبارة ترجع إلى أن تفسير القرآن يخضع لقدرة المفسر على فهمه: ليس فقط من حيث اللغة، ولكن أيضًا من حيث مدلول الألفاظ في ضوء خبرة المفسر بمعطيات عصره. وحيث إن القرآن يحيط بكل شيء في صورة كلية وليس في صورة تفصيلية، فإن المفسرين قد يختلفون باختلاف قدرتهم على النفاذ إلى جوهر المعنى, وباختلاف خبرتهم كما ونوعًا وحداثة بالنسبة للأمور المتعلقة بالعلم والمتغيرات الكونية والمشكلات الاجتماعية.

وهذا دليل على أن الله تعالى لم يهمل هذه الأمة التي أنزل إليها القرآن، ولم يعطل مداركها، ولم يرض لها الجمود، وإنما دفعها نحو العمل الدءوب على فهم القرآن وإدراك مقاصده والتفكير للوصول إلى عطائه المتجدد بتجدد معطيات العصر مع الاحتفاظ بمقومات المنهج وكلياته.

ولذلك، حثنا الله تبارك وتعالى على الاجتهاد في آيات كثيرة تحض على التفكير والتدبر والتبصر، منها: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: ١٧] .

وقوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: ٢] .

ونتيجة لعدم قيام العلماء باستنباط حلول إسلامية لمشكلات العصر عن طريق الاجتهاد، وتردد القادرين منهم في ذلك، فقد تصدى للاجتهاد شباب ليسوا مؤهلين له، فضلوا وأضلوا. وفي هذا يقول الدكتور عز الدين إبراهيم:

فالملاحظ الآن في العالم الإسلامي أنه بسبب كثرة الإلحاح على ضرورة فتح باب الاجتهاد ظهر بعض الشباب الذين لم يحصلوا بعد على الصفات التي تؤهلهم للنظر، ومع ذلك يتجرءون على الفتوى في أمور خطيرة مما كانت سببًا في حركات التفكير والبغي والتنطع المبغوض "١، ٤٨".

<<  <   >  >>