القديم، الذي كان يعتمد على العقل وحده، وكان سببا من أسباب خذلانه؛ وعلمت المدرسة الإنسان بأنه: لا يستطيع أن يعيش بالعقل وحده، ومن هنا أقبل الإنسان على النظام الفلسفي الجديد الذي كان يعتمد على احتضان الديانات الشرقية التي تكتنفها الأسرار والروحانيات؛ ومن أهم هذه الديانات الشرقية:
- عبادة سبيل؛ وهي أصلا: الإلهة الأم لفريجيا.
- وعبادة إيزيس في مصر.
- ومترا في فارس.
مثل هذه الديانات تنطوي على أسرار لا يمكن تفسيرها ولا تعليلها، فقد اقتضى الأمر أن يكون أتباع هذه الديانات من الخلص الذين كرسوا أنفسهم لدخول حظيرة الأسرار؛ والمبدأ الأساسي الذي ترتكز عليه الديانات الروحية هي: أن التوصل إلى معرفة الله لا يتم عن طريق العقل ولا عن طريق الحواس العادية بل عن طريق الإيحاء والتأمل والإحساس؛ والغاية القصوى التي تسعى إليها هذه الديانات هي: الاتحاد بالله المخلص.
وتعد جميع الأديان الروحية الغيبية أتباعها بنيل السعادة على الأرض، كما تضمن لهم دخول الجنة في الحياة الأخرى.
وتختلف المسيحية عن الأديان الروحانية في أن تلك الديانات كانت وقفا على فئة خاصة مؤهلة للاطلاع على أسرارها؛ لكنها غير مأذونة بالبوح بأسرارها، وكان دخول التابع إلى حظيرة الأسرار يقتضي إعداده إعدادا دينيا خاصا؛ لأن الممارسة الدينية كانت سرًّا، فمن العسير أن تعرف شيئا عن الطقوس والشعائر التي كانوا يتبعونها عندما يدخلون عضوا جديدا إلى حظيرة الأسرار، فقد كان الكهنة يحتفظون بتلك الأسرار ويغالون في الحفاظ عليها. ونذكر على سبيل المثال: كان الدخول في ديانة "مترا" يتم على سبع مراحل: فكان على طالب الدخول إلى دين الجماعة: أن يمر في دور تطهير، إما بالماء أو الدم، وهذا له ما يقابله بالمسيحية وهو: العمادة، ثم يتلو هذا الاتحاد بالإله في إشراك المريد في حفلة طعام دينية، يتبع ذلك