وفي بدايات اللقاءات بين الشرق والغرب في العصر الحديث اصطلحت أوربا على تسمية الشرق القديم بالشرق الأدنى، وبصورة غير محددة على الجزء الجنوبي الغربي من آسيا المتاخمة لأوربا، ثم اقتبسته الولايات المتحدة وأضافت إلى رقعته بلدانا هي أقرب إلى الشرق الأقصى منها إلى الشرق الأدنى، وقد ظل هذا المصطلح الجغرافي -الشرق الأدنى- شائع الاسعمال حتى الحرب العالمية الثانية، وذلك كما يقول فيليب حتى: عندما أنشأت الحكومة البريطانية منطقة عسكرية تمتد من إيران إلى ليبيا وأطلقت عليها اسم الشرق الأوسط، وهو مصطلح كان حتى ذلك الحين يضم عادة الهند والبلدان المجاورة لها، ثم أنشئ بعد ذلك في القاهرة مركز تموين الشرق الأوسط، الذي أصبح فيما بعد مشروعا إنجلو أمريككانيا، وهكذا أصبح هذا المصطلح الجغرافي: الشرق الأوسط مصطلحا شائع الاستعمال، وتبرز أهمية دراسة الشرق الأوسط من عدة وجوه؛ من حيث موقعه الجغرافي: فهو يقع في المنطقة الذي يجعل منها مركزا للمواصلات الدولية التي تربط القارة الإفريقية بأوربا وآسيا.
- إنه مهد أعرق حضارة توصل فيها الإنسان إلى أقدم الاكتشافات وأعظمها خطورة، وأبعدها أثرا في تقدم الحضارة الإنسانية.
- وفيه أيضا نشأت ثلاث ديانات سماوية موحدة.
- وأنه منطقة تضم أقدم الوثائق التاريخية حول حياة الإنسان القديم وأطولها بقاء في الزمن.
لذلك خلف الشرق القديم للأجيال التالية تراثا غنيا من العلم والفن والأدب والفلسفة، وليس هناك رقعة جغرافية أخرى تناظره في حضارته توفر لنا سجلا حضاريا حرص الإنسان القديم على تدوينه؛ ليكون سجلا مطردا مثله استمر أكثر من خمسة آلاف سنة.
لذلك تذهب الدراسات التاريخية الحديثة إلى أن تاريخ الشرق القديم هو: أول فصل من تاريخ البشرية الحضاري لما له من فضل السبق الحضاري الديني، والثقافي.
كما أظهرت الدراسات التاريخية الحديثة أيضا أن لحضارات الشرق القديم أعظم التأثير على الحضارة الإغريقية الرومانية والحضارات العربية الإسلامية.