أجاب الوفد اليهودي بأنهم نحروا الثيران من أجل الإمبراطور مرة عند اعتلائه ومرة أخرى بعد شفائه من مرضه، ومرة ثالثة ابتهاجا بانتصاره في حملته على الرين.
وعندئذ قال كاليجولا:
قد يكون صحيحًا أنكم قدمتم القرابين من أجلي ولكنكم قدمتموها لإله آخر فما فائدة ذلك، إنكم لم تقدموا القرابين لشخصي١.
ولم يفز اليهود منه بطائل؛ إذ صرفهم قائلا: يبدو لي أن من تبلغ بهم الغباوة إلى الحد الذي لا يؤمنون معه بألوهيتي هم أجدر بالرثاء منهم بالعقاب.
وبعد أن خلفه بعد اغتياله كلوديوس تراءى ليهود مدينة الإسكندرية أن الفرصة قد حانت لتسوية حسابهم مع الإغريق فتقدموا بمطالبهم وهي حقوق المواطنة الكاملة بها.
غير أن مطلب اليهود كان يظهرهم بمظهر المتناقض ذلك أن المدينة اليونانية كانت مدينة وثنية تؤمن بأكثر من إله واحد، وكان الدين فيها مرتبطا بالحياة الاجتماعية والسياسية ارتباطا وثيقا فكان خليقا باليهود أن ينأوا بأنفسهم عن هذه الحياة أو أن يتنازلوا عن دعاواهم بأنهم عبدة الإله الحق الأوحد.
لذلك يرجح كثير من الباحثين الآن أن اليهود كانوا منقسمين إلى:
- فريق متزمت.
- وفريق متحلل بعض الشيء من قيود الشرعية الموسوية ومتأثر بأساليب الحياة اليونانية.
ولعله كان هناك حزبان بين الإسكندرانيين:
- حزب المتهورين أو المتطرفين.
- وحزب المتزمتين أو المعتزلين.
وعندما أرسل اليهود بمطالبهم أرسلوا بعثتين إحداهما تمثل الطائفة المحافظة والأخرى تمثل الطائفة المتحررة التي تأثرت بالثقافة وأساليب الحياة اليونانية.
١ مصر والإمبراطورية الرومانية في ضوء الأوراق البردية ص١٠٠ د. عبد المطلب أحمد علي -دار النهضة العربية ١٩٧٤.