للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وظلت هذه الاشتباكات بين اليهود والإغريق من ناحية وبين الرومان واليهود من ناحية أخرى، إلى أن قامت ثورة اليهود الكبرى وهي أكبر ثورة نشبت بين اليهود في مصر منذ الفتح الروماني في آخر عهد مكسيموس.

أخذت علاقة اليهود والرومان في التدهور السريع بعد ثورتهم في فلسطين سنة ٦٦ وتدمير معبدهم الريسي بأورشليم سنة ٧٠، وقد زادها سوءا ذلك القرار الذي أصدره فسبسيان بإرغام اليهود على دفع ضريبة الدينارين لمعبد الإله جوبيتر في روما بدلا من دفعها لمعبد أورشليم، وقراره الآخر بتدمير معبد أونياس في لينتو بوليس بمصر وهو "تل مقدام" الذي ارتابت فيه الحكومة في أنه مركز لنشاط الحركة اليهودية الأخيرة، وصارت أملاكه وهو معبد كان قد شيد حوالي ١٦٠ ق. م؛ لمنافسة معبد فلسطين، لذلك قام اليهود وتعمدوا بالذات بهدم معابد وتماثيل الآلهة اليونانية: أبولون، وزيوس، وهكاتي، وغيرهما من المعابد كمعبد إيزيس والمعبد القيصري ودمروا حمامات المدينة وأروقتها المسقوفة وأنديتها وملاعبها وعاثوا في الحقول فسادا حتى أصبحت جدباء، وامتد لهيب الثورة إلى قبرص حتى أن مواطنيها أصدروا فيما بعد قرارا يحرم على اليهود أن تطأ أقدامهم أرض الجزيرة، وتنتهي بوقوف الإمبراطور هدريان في صف اليهود بعد ثورتهم الأخيرة وقضائه بمعاقبة زعماء الإغريق.

وكانت ثورة المكابيين على صنيع أنطيوخوس تعني:

- عدم إحلال الوثنية محل الدين اليهودي وإقامتها مكانه في معبد أورشليم، هذه الوثنية أراد أنطيوخوس من تطبيقها إخضاع الشرق له سياسيًّا ودينيًّا، ووصف اليهود صنيعه هذا "بالرجس المخرب"١.

- عدم سيطرة الهلينية من حيث اللغة والثقافة على لغتهم وثقافتهم.

- قيام حركة يهودية قوية تدعو إلى رعاية تقاليدهم العبرية واستعمال لغتهم ضد سيطرة الهلينية وثقافتها.

- تضمين دعوتهم أنهم خير الأجناس وعليهم الانفصال عن "الشعوب" غير اليهودية وما فيها وحولها من تطرف.


١ سفر أعمال الرسل.

<<  <   >  >>