للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما تجدر الإشارة إليه: الإشارة إلى اكتشاف ما يسمى بمخطوطات البحر الميت في عداد أهم المكتشفات العلمية في القرن العشرين؛ ففي عام ١٩٤٧ عثر الفتى البدوي محمد الديب من عشيرة "تعامره" على لفائف جلدية مليئة بمختلف الكتابات في إحدى مغارات الشاطئ الشمالي الغربي للبحر الميت في منطقة مقفرة بوادي قمران "الأردن" التي أسفرت عن اكتشاف ٤٠ ألف قطعة من المخطوطات تمثل بقايا لحوالي ٦٠٠ من المؤلفات المختلفة التي تتضمن الكتب المقدسة والأسفار والمؤلفات الدينية التي وضعها أفراد طائفة دينية سكنت في هذه الأماكن المعزولة في أواخر القرن الثاني ق. م. واصطلح على تسميتها حاليا بجماعة قمران، إن مقتطفات كتب التوراة المكتشفة في وادي قمران تتيح تتبع تاريخ النصوص المقدسة، وهذه الكتب أقدم بخمسمائة سنة تقريبا من المخطوطات المعروفة، وتفتح فصلا جديدا في ميدان نقد التوراة، إن المؤلفات الهامة لجماعة قمران: الميثاق، والوثيقة الدمشقية، ملف الحرب، والأناشيد وغيرها، تعبر عن أيديولوجية هذه الطائفة الدينية المعارضة لليهودية الرسمية وعن نظرتها الاجتماعية، ومبادئها التنظيمية، وكان مؤسس هذه الجماعة وزعيمها الروحي شخص مجهول الاسم لقب بالمعلم الصالح، وكان القمرانيون يعتقدون أن الإله أودعه الأسرار المجهولة حتى للأنبياء.

إن النظرات الثنوية والمهدوية والأخوية لجماعة قمران ومبادئهم الاجتماعية والتنظيمية قد مارست على ما يبدو تأثيرا كبيرا على تشكل الجماعات المسيحية المبكرة في القرن الأول الميلادي، من هنا كان اختراع الكتابة من أعظم منجزات العصر القديم، ولا يمكن المبالغة في تقدير أهمية هذا الاختراع، وكان القدماء أنفسهم يدركون هذه الحقيقة تمام الإدراك، فليس عبثًا أنهم اعتبروا الكتابة هبة من الآلهة فقد كان الإله طوط عند المصريين خالقا لفن الكتابة وراعيا له، وعند البابليين الإله نايو، وعند الهيليين الإله هرميس.

ولم تصبح الكتابة مجرد وسيلة لحفظ وتخزين المعلومات وأداة لمساعدة الذاكرة البشرية المحدودة الإمكانيات فحسب، بل غدت كذلك قوة فعالة وعاملا من أهم العوامل لتحويل حياة المجتمع وثقافته، ومن المعروف أن ممارسة الكتابة والقراءة تغير طابع تفكير الإنسان المرتبط بها، ومع ظهور الدولة والكتابة يفصل العصر القديم

<<  <   >  >>