للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال له: يا محمد، عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم، ثم سألوك لأنفسهم أمورا؛ ليعرفوا بها منزلتك من الله كما تقول، ويصدقوك، ويتبعوك، لم تفعل، ثم سالوك أن تأخذ لنفسك ما يعرفون به فضلك عليهم، ومنزلتك من الله، فلم تفعل. ثم سألوك أن تعجل لهم بعض ما تخوفهم من العذاب: فلم تفعل.

فوالله لا أؤمن بك أبدا، حتى تتخذ إلى السماء سلما، ثم ترقى فيه، وأنا أنظر إليك، حتى تأتيها، ثم تأتي معك بصك أربعة من الملائكة، يشهدون لك أنك كما تقول، وايم الله إنك لو فعلت ذلك ما ظننت أني أصدقك، ثم انصرف عن رسول الله.

وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله حزينا آسفا مما كان من قومه حين دعوه، ولما رأى من مباعدتهم إياه.

فلما قام عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو جهل: يا معشر قريش إن محمدا قد أبى، ألا ما ترون منه من عيب ديننا، وشتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وشتم آلهتنا.

وإني أعاهد الله لأجلسن له غدًا بحجر، ما أطيق حمله، فإذا سجد في صلاته؛ لأهوي بصخرة على رأسه، فأسلموني عند ذلك أو امنعوني فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم.

قالوا: والله لا نسلمك لشيء أبدًا فامض لما تريد.

فلما أصبح أبو جهل أخذ حجرا -كما وصف- ثم جلس لرسول الله ينتظره، وغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان يغدو، وكان رسول الله بمكة وقبلته الشام، فكان إذا صلى بين الركنين: البراني، والأسود، جعل الكعبة بينه وبين الشام، فقام رسول الله يصلي، وقد غدت قريش.

فقالوا له: مالك يا أبا الحكم؟

قال: قمت إليه لأفعل به ما قلت لكم البارحة، فلما دنوت منه عرض لي دونه فحل من الإبل، ما رأيت مثل هامته، ولا أنيابه لفحل قط، فهم بي أن يأكلني.

<<  <   >  >>