للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما قال لهم ذلك أبو جهل قام النضر بن الحارث بن كلدة، فقال: يا معشر قريش إنه والله قد نزل أمر ما أتيتم بحيلة بعد، قد كان محمد فيكم: غلاما حدثا، أرضاكم فيكم، وأصدقكم حديثا، وأعظمكم أمانة، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب وجاءكم بما جاءكم به قلتم: ساحر، لا والله ما هو بساحر؛ لقد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم.

وقلتم: كاهن.. لا والله ما هو بكاهن؛ قد رأينا الكهنة وتخالجهم وسمعنا سجعهم.

وقلتم: شاعر.. لا والله ما هو بشاعر؛ قد رأينا الشعر وسمعنا أصنافه كلها هزجه ورجزه.

وقلتم.. مجنون؛ لقد رأينا الجنون، فما هو بخنقه ولا وسوسته ولا تخليطه.

يا معشر قريش: فانظروا في شأنكم؛ فإنه والله قد نزل بكم أمر عظيم.

وكان النضر بن الحارث من شياطين قريش، وممن كان يؤذي رسول الله وينصب له العداوة، وكان قد قدم الحيرة، وتعلم فيها أحاديث ملوك الفرس وأحاديث رستم وإسفندبار فكان إذا جلس رسول الله مجلسًا يذكِّر فيه بالله، وحذر قومه من قبلهم من نقمة الله، خلفه في مجلسه إذا قام ثم قال:

أنا والله يا معشر قريش أحسن حديثا منه، فهلم إلى: فأنا أحدثكم أحسن من حديثه، ثم يحدثهم عن ملوك فارس ورستم وإسفنديار، وكان قد تعلم في فارس.

ثم يقول: بماذا محمد أحسن حديثا مني؟

قال ابن هشام: وهو الذي قال فيما بلغني: سأنزل مثل ما أنزل الله.

وكان ابن عباس يقول: نزل فيه ثماني آيات من القرآن.

قول الله عز وجل: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} .

وكل ما ذكر عن الأساطير في القرآن وردت فيه.

<<  <   >  >>