فلما قال لهم النضر بن الحارث بعثوه وبعثوا معه: عقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة، وقالوا لهما: سلاهم عنه، وصفا لهم صفته، وأخبراهم بقوله: فإنهم أهل الكتاب وعندهم علم ليس عندنا من علم الأنبياء، فخرجا حتى قدما المدينة.
فسألا أحبار اليهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووصفا لهم أمره، وأخبراهم ببعض قوله، وقالا لهم: إنكم أهل التوراة، وقد جئناكم؛ لتخبرونا عن صاحبنا هذا.
فقالت لهما أحبار يهود: سلوه عن ثلاث نأمركم بهن: فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل، وإن لم يفعل: فالرجل متقوِّل، فروا فيه رأيكم.
١- سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول: ما كان أمرهم؟ فإنه كان لهم حديث عجيب.
٢- وسلوه عن رجل طواف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها: ما كان نبؤه؟
٣- وسلوه عن الروح: ما هي؟
فإن أخبركم فاتبعوه فإنه نبي، وإن لم يفعل فهو رجل متقول فاصنعوا في أمره ما بدا لكم.
فأقبل النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط حتى قدما مكة على قريش، فقالا: يا معشر قريش، قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد، قد أخبر أحبار يهود أن نسأله عن أشياء أمرونا بها، فإن أخبركم عنها، فهو نبي، وإن لم يفعل فالرجل متقول فروا فيه رأيكم.
فجاءوا رسول الله، فقالوا: يا محمد، أخبرنا عن فتية ذهبوا في الدهر الأول: قد كانت لهم قصة عجب.