أقدم الكتابات قد ظهرت بمعزل عن بعضها البعض، وذلك في عدة مراكز في مصر وبلاد ما بين النهرين "جنوب العراق" ثم في الصين خلال فترة لاحقة؛ ويبدو أنه كانت ثمة مراكز أخرى مبكرة لتشكل الكتابة في أوربا بشمال شبه جزيرة البلقان وفي شبه الجزيرة الهندية، بمنطقة وادي الهندوس.
٩- كتابة ما بين النهرين:
- وتعتبر كتابة ما بين النهرين أقدم كتابة في العالم، وأغلب الظن كما يذهب علماء الآثار أن الفضل في اختراع هذه الكتابة يعود إلى السومريين، وهم شعب كان يعيش في جنوب العراق خلال الألفين الرابع والثالث ق. م. وفي أوقات لاحقة استخدمت هذه المنظومة الكتابية أيضا شعوب آسيا الأمامية القديمة الأخرى كالأكاديين والعيلاميين والإييلائيين والحيثيين والأوغاريتيين والأورانيين والفرس، وذلك بعد تبسيطها وتكييفها مع حاجات لغاتها، وقد استمر استعمال الكتابة السومرية أكثر من ثلاثة آلاف سنة، وترجع آخر النصوص المعروفة المدونة بالخط السومري إلى منتصف القرن الأول الميلادي، أما أقدم هذه النصوص فتعود إلى حوالي عام ٣١٠٠ ق. م، وعلى هذا النحو فقد بدأ تاريخ الكتابة السومرية الأولية على تخوم الألفين الرابع والثالث ق. م، وبلغ خمسة آلاف سنة.
- ويرى بعض علماء الآثار والتاريخ أن اكتشاف أواني بلاد ما بين النهرين في منطقة بعيدة يتيح الحديث عن وجود تجار سومريين في المستوطنات السورية والعيلامية، وحتى فصائل عسكرية سومرية كانت تقوم بحراسة طرق القوافل.
- وعندما نقرأ الكتب نجد أنها تجسدت فيها روح العباقرة البشريين العظماء، ويجدر بنا أن نتوقف أحيانا ونذكر بالامتنان والعرفان رواد الكتابة الأوائل وأن نتصور ولو مرة واحدة يوما قائظا وبرجا مستديرا لعنبر يجلس تحت ظلاله نفر من الشيوخ شبه عراة يكومون الكرات الطينية بأصابعهم.