للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وربما يقصد الشهرستاني من نفيه عن "هرمس": أن يكون من الصابئة ذلك النوع الذي نص عليه المسعودي -وهو متقدم على الشهرستاني- الذي ينسبه إلى "بوداسف" الهندي الذي أظهر نوعًا معينًا من "الصابئة" هذا النوع من الكيماريين.

ويبدو أن "بوداسف" الهندي أظهر نوعا معينا من الصابئة "هذا النوع من الصابئة مباين للحرنانيين في نحلتهم" كما يروى المسعودي.

وفي نظرنا: يمكن أن ينصرف استبعاد الشهرستاني لـ "هرمس" أن يكون من الصابئة إلى هذا النوع الذي أظهره "بوداسف" وهذا النوع الذي أظهره هو الخاص بعبادة الكواكب.

ويؤكد احتمالنا ما رواه ابن النديم عن الكندى من أنه قال: إنه نظر في كتاب يقربه هؤلاء القوم: وهو مقالات لـ "هرمس" في التوحيد كتبها لابنه على غاية من التقائه في التوحيد -لا يجد الفيلسوف إذا اتعب نفسه مندوحة عنها وعن القول بها١.

فهرمس يعتبر مؤسس مذهب التوحيد: في الصابئة و"بوداسف" أحدث الوثنية: في التوحيد.

وعلى ذلك يكون "هرمس" و"عاذيمون" أوجدا الصابئة الأولى؛ التي تدعو إلى الروحانية، و"بوداسف" أحدث مذهب عبادة الكواكب، وذلك ما تقرره مصادر الإسلاميين٢.

وسواء أكان المراد هو الصابئة الأولى -تعبير الشهرستاني- أم صابئة بوداسف تعبير المسعودي، فإنهما معا نبت فكرهما في الشرق في بعض المناطق العربية من بلاد الرافدين.

يقول صاحب "بلوغ الأرب"٣: والصابئة قوم إبراهيم، كانوا بحران فهي دار الصابئة الأولى وكانوا قسمين هما:


١ الفهرست لابن النديم المتوفى ٣٨٥ هـ ص٤٤٥ المكتب التجاري.
٢ يقول ابن حجر في فتح الباري "١: ٣٧" رواية عن غيره: هم منسوبون إلى صابي بن متوشلخ عم نوح، وهذا رأي ثالث يذهب بها بعيدا إلى نوح.
٣ بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب "٢: ٢٤" السيد محمود شكري الألوسي البغدادي سنة ١٢٧، عني بنشره محمد بهجة الأثرى سنة ١٩٤٢.

<<  <   >  >>