للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقال إن هذا الرجل كان أول من أظهر آراء الصابئة من الحرنانيين والكيماريين.

وهذا النوع من الصابئة مباين للحرنانيين في نحلتهم القديمة.

وكلام المسعودي يفيد أن نشأتها الأولى كانت في حران، وما ينسب لبوداسف هو أنه أظهر آراءهم القديمة، ويرجع ظهور نشاطها بين ملوك فارس الأولى لميولهم الدينية وقد ورد في وصايا أردشير لابنه سابور:

يا بني: إن الدين والملك أخوان، ولا غنى لواحد منهما عن صاحبه، فالدين أس الملك، والملك حارسه، وما لم يكن له أس: فمهدوم، وما لم يكن له حارس: فضائع.

كذلك من ينظر في موضوعات عبادتها: يجد بينها وبين اهتمامات الدولة الفارسية شبهًا كبيرًا، فالمسعودي تحدث عن أعمال ملوك فارس الأولى قائلا:

وتكلم هؤلاء القوم في مراتب الألوان: من الحمرة، والسواد، ومراتب الأنوار، وما وراء ذلك من أسرار الطبيعة.

ثم قال: وتغلغل القوم في هذه المعاني: إلى ما علا من الأجسام السماوية من النيرين والأفلاك واختلافها في ألوانها وإلى غير ذلك من الأشخاص العلوية.

وهذا التسطيح الفكري قابل لأن يجعل منه "بوداسف" مظاهر العبادة فيقول: إن معالي الشرف الكامل، والصلاح الشامل، ومعدن الحياة في هذا السقف المرفوع، وفي النجوم السيارة، وفي أفلاكها: التدبير الأكبر١.

وفي المناظرة التي أوردها الشهرستاني في كتاب "الملل والنحل" ما يفيد أن صاحبها الأول "هرمس"، "وعاذيمون" لكن بعد انتهاء المناظرة استبعد٢ الشهرستاني أن يكون "هرمس" من الصابئة.


١ المرجع نفسه "١: ٦٩".
٢ يقول: وكان في الخاطر بعد: زوايان نريد نمليهان وفي القلم خفايا أكاد أخفيها، فعدلت عنها إلى ذكر "حكم هرمس العظيمن لا على أنه من جمبلة فرق الصابة، حاشاه، على أن حكمته تدل على تقرير مذهب الحنفاء" "٢: ٤٦".

<<  <   >  >>