للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بصورتها وراعوا في ذلك: الزمان، والمكان والساعة والدرجة الدقيقة، فإن أرادوا حاجة: تبخروا بالبخور، وتحينوا الساعة وراحوا يسألونه حاجاتهم.

فأصحاب الهياكل: هم عبدة الكواكب؛ إذ قالوا بآلهيتها.

وأصحاب الأشخاص هم عبدة الأوثان، وهذا النوع من الصابئة انتقل إلى الجزيرة العربية على يد عمرو بن لحي، وسوف نعرض له.

وصابئة الحرانية١ قالوا: "إن الصانع المعبود واحد وكثير" أما واحد: ففي الذات، والأول، والأصل، والأزل.

وأما كثير فلأنه يتكثر بالأشخاص في رأي العين وهي المدبرات السبعة.

والأشخاص الأرضية ونماذجها: الخير، والعلم، والفضيلة، فإنه يظهر بها ويتشخص بأشخاصها ولا تبطل وحدته في ذاته٢.

وواضح أن صابئة الحرانية: أخلاط: من فلسفة اليونان، وفلسفة الهند، ففيها مثل أفلاطون، وفيها: تجسيد "برهما" الديانة الهندية.

وهؤلاء هم من قال فيهم ديبور:

وقد أخذوا عن حسن نية بحكم وآراء موضوعة ترجع للعصر الإغريقي المتأخر، وربما يكون بعض هذه الحكم قد وضع بين ظهرانيهم٣.

ويذهب ابن النديم إلى أن الصابئة ليست مذهبا للحرانيين إنما هي منحولة لهم، فيقول:


١ مدينة حران ظلت مركزا دائما لثقافة اليونانية وكانت إلى جانب هذا نقطة مهمة للتبادل والاتصال، وكان جيرانهم من النصارى ينظرون شزرا إلى للحرنانيين، وكانوا يسمون مدينتهم "هلينوليس" مدينة اليونانيين؛ احتقارا لهم وتهكما عليها، وكانت الدراسات رياضية سحرية فلسفية طبية، وعند الصابئة كانت للفلك المكانة الأولى، وكانت حران مشهورة بوثنيتها في منطقة مسيحية، ووثنيتها: مزيج من الديانة البابلية والوثنية الإغريقية والأفلاطونية المحدثة.
٢ الملل والنحل "٢: ٥٣" الشهرستاني، تحقيق د: محمد بن فتح الله بدران.
٣ تاريخ الفلسفة في الإسلام ص٢٥ نقله د: محمد عبد الهادي أبو ريدة.

<<  <   >  >>