التأثيرات الدينية المتبادلة بين مصر والكلدان، وسورية، والفرس:
ادعى الكلدانيون أصحاب دولة بابل الجديدة، السيطرة على سورية كورثة الإمبراطورية الآشورية، وفي عام ٥٨٧-ظهر "نبوخذ نصر" بنفسه في شمال سورية، وأقام معسكره في "ربلة" في وادي العاصي، ومن هناك أرسل قسما من جيشه إلى الجنوب للتغلب على المدن الفينيقية، وفتح بلاد اليهودية نهائيا، وكانت المستعمرات اليونانية في هذه الفترة قد حلت محل المستعمرات الفينيقية الأصلية وبذلك انتهى العالم الفينيقي، الذي اشتهر بنشاطه وعلمه؛ ولكن الشعب الفينيقي حافظ على شخصيته حتى فتوحات الإسكندر.
كتاب الموتى:
يقول فيليب حتى: ومن المصادر الأولية الفريدة للاطلاع على الفكر الديني القديم في مصر وصف الدينونة أو الحساب الذي يؤديه الميت في العالم الثاني، فقد خلف لنا المصريون في -كتاب الموتى- تفاصيل دقيقة عما يجري يوم الحساب مما لا نجد له مثيلا في حضارات أخرى في هذا الكتاب، وهو أفضل كتاب أدبي يعني بناحية الدين في مصر القديمة، وصف لطقوس الدفن بلغة رمزية خفية المعنى؛ ووصف للمغامرات الخطرة التي سيمر بها الميت؛ وأفضل نسخة من هذا الكتاب هي نسخة مزينة بالرسوم على ورق البردي يملكها المتحف البريطاني الذي يعرضها في غرفة تعرف "بالغرفة المصرية"، وقد وضعت هذه النسخة من كتاب الموتى في منتصف القرن الخامس عشر قبل الميلاد لأحد الكتاب وزوجته في ثيبة، واسمه آني؛ وأروع ما في المشاهد المصورة في هذه النسخة تلك المشاهد التي تمثل يوم الدينونة.
يدخل الميت قاعة الدينونة بخشوع تتبعه زوجته توتو، وعندما يتقدم نحو الديان يتلو صلاة ندامة على اثنين وأربعين خطيئة أمام اثنين وأربعين قاضيا يحق لكل قاض منهم أن يحاسبه على خطيئة تقع ضمن دائرة اختصاصه، يبدأ الرجل بسلسلة من الاعترافات السلبية، كأن يقول: لم أسرق ولم أكذب، ولم أتآمر ولم أُبك أحدا ولم أغتصب أرضا، ولم أزْن ولست بقاتل، ولم أتلاعب بالموازين ولم أخدع، ثم يلي هذه الاعترافات السلبية اعترافات إيجابية فيبدأ قائلا: إني طاهر نقي، أطعمت الجائع