والمروة البيضاء: هي "ذو الخلصة"؛ ثم هو يقسم بمحبسة النعمان وهو نصراني.
أفلا يدل هذا على وجود تنافر أو تناقض في عقيدة أمثال هؤلاء الشعراء؟
والذي لا وقوف له على طبائع أهل الجاهلية يرى هذا الرأي، أو يذهب إلى أن هذا الشعر مصنوع، مفتعل؛ أما الذي يعرف عادة العرب في القسم فلا يستغرب منه، ولا يرى فيه تنافرا. فقد كان الجاهليون يقسمون بكل شيء؛ يقسمون بالشجر والحجر، والكواكب، والليل والنهار، وبالأصنام، وبالمعابد "وبالله"، لا يرون في ذلك بأسًا ولا تناقضًا في عقيدتهم.
فهذا:"عدي بن زيد" يقسم بمكة على قاعدة العرب في القسم، وهو نصراني، وقد أقسم بأمور أخرى من أمور أهل الجاهلية الوثنية، ولم يذكر أحد أنه بدَّل دينه، وصار وثنيًّا؛ وكذلك الأمر مع غيره من شعراء نصارى، ويهود، وعباد أصنام أقسموا برهبان النصارى، وبأمور نصرانية مع أنهم كانوا عباد أوثان١.
ومن القائلين بالرأي الأخير:"نولدكه"؛ فقد ذهب إلى أن رواة الشعر وحملته في الإسلام هم الذين أدخلوا اسم الجلالة في هذا الشعر؛ وذلك بأن حذفوا منه أسماء الأصنام، وأحلوا محلها اسم "الله".
وقد ذهب أيضا إلى: أن رواة الشعر في الإسلام حذفوا من شعر الجاهليين ما لم يتفق مع عقيدتهم. ومن جملة ما استدل به على أثر التغيير والتحريف في الشعر الجاهلي ورود كلمة "الرحمن" في شعر شاعر جاهلي من هذيل؛ زعم أن ورود هذه الكلمة في هذا الشعر دليل كافٍ لإثبات أثر التلاعب فيه؛ لأن هذه اللفظة إسلامية استحدثت في الإسلام، ولا يمكن أن ترد في شعر شاعر جاهلي، وقد فات "نولدكه" صاحب هذا الرأي أن الكلمة بهذا المعنى كلمة جاهلية، وردت في