للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي آيات أخرى: أن من الشرك اتخاذ آلهة أخرى مع "الله"، والآلهة هنا: شيء عام فيه تأليه الكواكب، وعبادة الأشياء غير المنظورة أي: غير المادية، وعبادة الأصنام.

وفي القرآن الكريم جوانب عن: فلسفة القوم، وتعليلهم لعبادة الأصنام واتخاذهم أولياء من دون الله؛ إذ يقولون جوابًا عن الاعتراض الموجه إليهم في عبادة غير "الله" {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} .

ويتبين من هذه الآية، ومن آيات أخرى أن فريقًا من العرب كانوا يعتقدون بوجود الله، وأنه هو الذي خلق الخلق، وأن له السيطرة على تصرفات عباده وحركاتهم، ولكنهم عبدوا الأصنام، وغيرها، واتخذوا الأولياء والشفعاء؛ لتقربهم إلى "الله" زلفى، وفي كتاب "الله": مصطلحات لها علاقة بعبادة الشرك منها:

شركاء: جمع شريك، وأنداد، وأولياء، وولي، وشفعاء، وشهداء فهذه الكلمات، وأمثالها تعبر عن عقائد الجاهليين قبيل الإسلام، وعن اعتقادهم في عبادة أشياء أخرى مع "الله" تعالى كانوا يرون: أنها تستحق العبادة؛ وأنها في مقابل "الله" في العرف الإسلامي؛ أو أنها: مساعدة "لله"١ ولعبادة "الأسلاف" علاقة بعبادة الأصنام.

ويلاحظ: أن عبادة "السلف" تقود أتباعها في بعض الأحيان إلى الاعتقاد بأن قبيلتهم تنتمي إلى صلب جد واحد أصله حيوان في رأي الأكثرين، أو من النجوم في بعض الأحيان، وهذا ما يجعل هذه العقيدة قريبة من الطوطمية.

ومعارفنا عن: عبادة "السلف" عند الجاهليين قليلة؛ ويمكن أن نستنتج من أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بتسوية القبور ونهيه عن اتخاذها مساجد، ومواضع للصلاة أن الجاهليين كانوا يعبدون أرواح أصحاب هذه القبور، ويتقربون إليها.

ولعل في عبارة "قبر ونفس" الواردة في بعض النصوص الجاهلية ما يؤيد هذا الرأي؛ فإن النفس هي الروح٢.


١ المفصل جـ٦ ص٤٤، ص٤٥.
٢ السابق جـ٦ ص٤٨.

<<  <   >  >>