للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدهريون:

والدهرية هم الذين يقولون بإسناد الحوادث إلى الدهر واستقلال الدهر بالتأثير، والدهر عندهم: هو حركات الفلك، وأن العالم يدار بمقتضى تأثير هذ الحركات والعرب يقولون به ولا صانع سواه.

أما تعريف الدهر عند الإسلاميين: فهو مدة زمان الدنيا.

وعرفه بعضهم بأنه أمد مفعولات الله في الدنيا أو فعله لما قبل الموت.

يقول الألوسي: وزعم بعض من لا تحقيق لهم أن الدهر من أسماء الله، وهو غلط١ وأطلقه العرب بفتح الدال على الملحدين الذين ينكرون الله وتأثيره، أما إذا أرادوا منه الرجل المعمر فإنهم يقولون دُهري بضم الدال٢.

وعقيدة الدهرية ترجع أيضا إلى بعض مبادئ الصابئة فهي خمسة:

الرب، النفس، المادة، الدهر، الفضاء.

وجعل الشهرستاني الدهرية من المعطلة فقال: معطلة العرب أصناف: صنف منهم أنكر الخالق والبعث والإعادة وقالوا بالطبع المحيي والدهر المفني وهم الذين أخبر القرآن عنهم في قوله سبحانه: {إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا} ٣ [المؤمنون: ٣٧] .

يقول الشهرستاني: إشارة إلى الطبائع المحسوسة في العالم السفلي وقصر الحياة والموت على تركبها وتحللها فالجامع هو الطبع والمهلك هو الدهر: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} ٤ فاستدل عليهم بضرورات كرية وىيات فطرية في كثير من السور فقال تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الأعراف: ١٨٤] .

وقال: {قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: ٩] .

وقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} [البقرة: ٢١] .


١ روح المعاني جـ١ ص٦٩.
٢ لسان العرب لابن منظور.
٣ وانظر الملل والنحل "٢: ٢٤٦".
٤ سورة الجاثية آية ٢٤.

<<  <   >  >>