والشعراء يرددون ذكر الربان ومحاريب كنائسهم؛ يقول الأعشى:
كدمية صور محرابها ... بمذهبٍ في مرمر مائر
وطالما تحدثوا عن نواقيسهم وقراعهم في أواخر الليل.
يقول المرقش الأكبر في بعض شعره:
وتسمع تزقاء من البوم حولنا ... كما ضربت بعد الهدوء النواقس١
وفي ذلك ما يدل -ولا سيما قول الأعشى وهو وثني- على أنه كان لديهم بعض معارف عن المسيحية أدخلوها في قصائدهم في بعض وجوه التشبيه أيا كان نوع هذا التشبيه كقول المرقش في جمعه بين البوم والنواقيس، وذلك يبعدها عن مظهر التقديس، وخاصة أن البوم مما يتشاءم منه العرب.
وعلى أي حال يتضح أن معارفهم عن المسيحية تناهت إليهم فاسعملوا مصطلحاتها دون نظر إلى اتخاذها عقيدة كما هو واضح من أشعارهم.
وظهرت بوادر لمذهب الجبر والاختيار، يروي صاحب الأغاني٢ ما نصه:
قال لي يحيى بن متى راوية الأعشى وكان نصرانيا عباديا وكان معمرا قال:
- كان الأعشى قدريا.
- وكان لبيد مثبتا.
قال لبيد:
من هداه سبل الخير اهتدى ... ناعم البال ومن شاء أضل
وقال الأعشى:
استأثروا الله بالوفاء وبالـ ... ـفضل وولى الملامة الرجلا
قلت: فمن أين أخذ الأعشى مذهبه؟
١ العصر الجاهلي ص١٠٠-١٠١ دكتور شوقي ضيف دار المعارف.