للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعبروا عن ذلك في أشعارهم:

حياة ثم موت ثم نشر ... حديث خرافة يا أم عمرو

ولبعضهم مرثية في أهل بدر من المشركين يقول فيها:

فماذا يا قليب قليب بدر ... ترى ماذا تكلل بالسنام

يخبرنا الرسول بأن سنحيا ... وكيف حياة أصداء وهام

وأما الشبهة الثانية: فكان إنكارهم لبعث الرسول صلى الله عليه وسلم في الصورة البشرية أشد وإصرارهم على ذلك أبلغ، وأخبر التنزيل عنهم بقوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا} ١، {فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} ٢؟

فمن كان يعترف بالملائكة كان يريد أن يأتيه ملك من السماء، وقالوا: {لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَك} ٣، ومن كان لا يعترف بهم كان يقول: الشفيع والوسيلة لنا إلى الله هي الأصنام المنصوبة أما الأمر والشريعة من الله إلينا فهو المنكر.

لاحظنا مما سبق تدرجا في مستويات القربى الروحية أو القوى المعبودة المؤلهة لدى عرب الجاهلية فرأينا قوى روحية عليا معبودة مثل الملائكة واختلطت صور بعضها الملائكة ببعض مثل بشرية أو أخضعوها لتصوراتهم البشرية.

فقالوا عنها: إنها بنات الله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلونَ} ٤.

ووجدت قوى روحية سفلى في بني مليح من خزاعة وهم رهط طلحة الطلحات يعبدون٥ الجن والشياطين وأنهم كانوا يستخدمونها في كتابتهم، ولهم معها أساطير واتخذوا أيضا منها شركاء لله. قال تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ} ٦.


١ سورة الإسراء: ٩٤.
٢ سورة التغابن: ٦.
٣ سورة الأنعام: ٨.
٤ سورة الزخر: ١٩.
٥ تشككها في رمي الجن.
قال ابن إسحاق: إنه حدث أن أول العرب فزع للرمي بالنجوم -حين رمى عليا- هذا الحي من ثقيف وأنهم جاءوا إلى رجل منهم يقال له: عمرو بن أمية.
٦ سورة الأنعام: ١٠٠.

<<  <   >  >>