ولهم أيضًا بجانب ذلك اتجاهات وثنية لا تنفك عن سذاجة الفطرة، كعبادة المحسوسات من شجر وحجر وغير ذلك، ورأينا فيهم على جاهليتهم وثنيهم أنهم يعرفون لفظ الجلالة "الله".
وتدلنا الروايات التاريخية: أنهم وجدوه في الكعبة منذ أن بناها إبراهيم ومعه إسماعيل، وكانت قريش تعتبره هو المعبود الحقيقي، ومظاهرها الوثنية كانت زلفى إليه.
ورأينا فيهم: من يتكلم عن الدهر كقوة عظمى تعلو فوق التصور الإنساني، وعبدوا النيران من شمس وقمر إلخ.
ومع كل هذا لا يوجد في العرب طبقة دينية تختص بأمور الدين، وليس في بلاد العرب، ولا سيما في منطقة الحجاز ونجد طبقة إكليريكية خاصة، ولكن يقوم مقامها طائفة العرافين والزاجرين والقائفين والسدنة، ولم يكن لهذه الطائفة ما يميزهما أو يرفعهما عن سائر الناس فلا مسحة خاصة بها، ولا رتبة ولا فرقة في أساليب المعيشة بينهم وبين أبناء قبيلتهم لهم ما لها وعليهم ما عليها.
القضاء والقدر:
ونرى حاتم الطائي: وهو من النصارى على رأى مؤمنا بالقضاء والقدر، وبما يأمر به الله تعالى.
ونجد المثقب العبدي: مؤمنا بالله تعالى وبالقدر. فما يقع للإنسان يكون بمشيئة الإله وقدره١.
كذلك: نجد هذه العقيدة -عقيدة القدر في شعر "زهير بن أبي سلمى" وفي شعر غيره من الشعراء. هذا زهير يقول: إن المنايا أمر لا مفر منه، وإن من جاءت منيته لابد أن يموت راو حاول الارتقاء إلى السماء فرارا منه؛ ثم يقول:
وجدت المنايا خبط عشواء من نصب ... تمته ومن تخطئ يعمر فيهرم
ومن القائلين بالقدر: عبيد بن الأبرص الشاعر الجاهلي الشهير ونجد: عمرو ابن كلثوم- في جملة من آمن بالقضاء والقدر. وتؤدي: لفظة "منا": معنى القدر؛