للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهي ما عبرت عنها بالدهر وبالزمان؛ وذلك لما يتصورونه من مرور الأيام والسنين، وبلاء الإنسان فيه، وبقاء الأرض والكون، ومثل هذه النسبة والشكوى عامة عند جميع الشعوب البدائية والمتطورة المتقدمة، فنراها عند القبائل البدائية، ونراها عند الغربيين١.

وقد ذكر علماء التفسير: أن قريشا خاصموا الرسول في القدر، وأن رجلا جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ففيم العمل؟ أفي شيء نستأنف، أو في شيء قد فرغ مه؟ فقال رسول الله: "اعملوا؛ فكل ميسر لما خلق له". ويظهر من ذلك: أن قريشا -أو جمعا منهم- لم يكونوا يؤمنون بالقدر، بل كانوا يؤمنون بأن فعل الإنسان منه، وأن لا لأحد من سلطان في تصرفه وفعله٢.

القدرية:

وقد ذكر: أن الشاعر الأعشى كان قدريا، يرى أن للإنسان دخلا في فعله، وأن له سلطانا على نفسه؛ حيث يقول:

استأثر الله بالوفاء وبالـ ... ـعدل وولى الملامة الرجلا

فالإنسان مسئول عن فعله، ملام على ما يرتكبه من قبيح.

فالله تعالى عادل لا يجازي الإنسان إلى على فعله، ولو كان قد قدر كل شيء له وحتمه عليه كان ظالما.

وقد أخذ الأعشى رأيه ذا: من قبل العباديين، نصارى الحيرة كان يأتيهم يشتري منهم الخمر فلقنوه ذلك٣.


١ المفصل جـ٦ ص١٢٨.
٢ السابق جـ٦ ص١٦٠، تفسير الطبري ٢٧/ ٦٤.
٣ السابق جزءا وصفحة.

<<  <   >  >>