للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذبح هو الشعار الدال على الإخلاص في الدين عندهم، وعلامة التعظيم؛ وقال المسلمون: يا رسول الله كان أهل الجاهلية يعظمون البيت بالدم فنحن أحق أن نعظمه. وكلمة قربان وجمعها قرابين، هي من أصل "ق ر ب" وقد استعملت وخصصت بهذا المعنى؛ لأنها تقرب إلى الآلهة، والقربان هو كل ما يتقرب به إلى "الله". فليس القربان خاصا بالذبائح، وإن صار ذلك مدلوله في الغالب١.

ومن القرابين ما يقدم في أوقات معينة موقتة، ومنها ما ليس له وقت محدد ثابت، بل يقدم في كل وقت، ومن أمثلة النوع الأول: ما يقدم في الأعياد أو في المواسم أو في الأشهر أو في أوقات معينة من اليوم وفي ساعات العبادات.

ومن أمثلة النوع الثاني: ما يقدم عند ميلاد مولود، أو إنشاء بناء أو القيام بحملة عسكرية أو لنصر وما شابه ذلك من أحوال٢.

الترجيب:

وشهر رجب هو من الأشهر الحرم، التي لم يكن يحل فيها القتال، وقد سمي الذبح في هذا الشهر بـ "الترجيب"؛ وقيل للذبائح التي تقدم فيه "العتائر" جمع عتيرة؛ وقد عدت العتائر من شعائر الجاهلية، وأطلق بعض علماء اللغة: كلمة العتائر على ذبح الحيوانات الأليفة، وأطلق لفظة "النافرة" على ذبح الحيوانات الوحشية، وفي الحديث: "هل تدرون ما العتيرة؟ "

وهي التي يسمونها الرجيبة؛ كانوا يذبحون في شهر رجب ذبيحة وينسبونها إليه، يقال: هذه أيام ترجيب، وتعتار.

وكانت العرب: ترجب، وكان ذلك لهم نسكا.

وكان بعض السادة: ينحرون إذا أهل الشهر الأصم: شهر رجب؛ روي أن حاتما الطائي كان ينحر إذا أهل الشهر -ينحر عشرا من الإبل، ويطعم الناس لحومها؛ وذلك لحرمته ومنزلته عنده، ولتعظيم مضر، فهو من شهور مضر الخاصة.

وأصل النسك: الدم، وبهذا المعنى ورد: من فعل كذا وكذا فعليه نسك: أي دم يهريقه.


١ المفصل جـ٦ ص١٩٦.
٢ السابق جـ٦ ص١٩٧.

<<  <   >  >>