للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مملوكه أو ابنه لإلهه، وقد يوهب ما في بطن المرأة، أو ما في بطن الحيوان، وهكذا نجد: مادة النذر كثيرة مختلفة متبانية بتباين النذر والأشخاص١.

ومن هذه النذور: "الربيط" فقد كان الجاهليون ينذرون أنهم إذا عاش لهم مولود جعلوه خادما للبيت أي لبيت الصنم، ومن هنا لقب "الغوث بن مر" بالربيط؛ لأن أمه كانت لا يعيش لا ولد، فنذرت لئن عاش هذا لتربطن برأسه صوفة ولتجعله ربيط الكعبة، فعاش ففعلت وجعلته خادما للبيت، حتى بلغ الحلم فنزعته فلقب الربيط٢.

وقد أشار المفسرون، وأصحاب الحديث والأخبار إلى نذور كانت معروفة في الجاهلية فمنعها الإسلام، وفي بعضها نوع من التحايل والتلاعب؛ حيث كانوا يتصرفون بحسب أهوائهم، وشهواتهم ومنافعهم وقت استحقاق النذر، ومن ذلك: ما أشير إليه في القرآن الكريم قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا} إلخ الآية سورة الأنعام آية ١٣٦.

وقد ذكر المفسرون: أن من الجاهليين من كان يزرع "لله" زرعا وللأصنام زرعا، فكان إذا زكا الزرع الذي زرعوه "لله" ولم يزك الزرع الذي زرعوه للأصنام، جعلوا بعضه للأصنام وصرفوه عليها، ويقولون: إن "الله" غني والأصنام أحوج، وإن زكا الزرع الذي زرعوه للأصنام ولم يزك الذي زرعوه "لله" لم يجعلوا منه شيئا "لله"؛ وقالوا: هو غني، وكانوا يقسمون الغنم فيجعلون بعضه "لله" وبعضه للأصنام؛ فما كان "لله" أطعموه الضيفان، وما كان للصنم أنفقوه على الصنم؛ كانوا إذا اختلط ما جعل للأصنام بما جعل "لله" تعالى ردوه، وإذا اختلط ما جعل "لله" بما جعل لأصنام تركوه وقالوا: الله أغنى، وإذا هلك ما جعل للأصنام بدلوه مما جعل "لله"، وإذا هلك ما جعل "لله" لم يبدلوه بما جعل للأصنام.

وقد كان الجاهليون: يعظمون البيت بالدم، ويتقربون إلى أصنامهم بالذبائح يرون أن تعظيم البيت أو الصنم لا يكون إلا بالذبح وإن الذبائح من تقوى القلوب،


١ المفصل جـ٦ ص١٨٩، ص١٩٠.
٢ المفصل جـ٦ ص١٩١.

<<  <   >  >>