للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد كانت ديانات الجاهليين ذات حدود ضيقة، آلهتها آلهة محلية، فالإله إما إله قبيلة، وإما إله موضع. وطبيعي أن تكون صلة الإنسان بإلهه متأثرة بدرجة تفكير ذلك الإنسان وبالشكل العام للمجتمع. والإله في نظرهم هو حامي القبيلة وحامي الموضع وهو المدافع عنها وعنه في أيام السلم وفي أيام الحرب ما دام الشعب مطيعا له منفذا لأوامره وأحكامه وللشعائر المرسومة التي يعرفها ويقررها ويقوم بتنفيذها رجال الدين.

ومن أهم ما تقرب به الإنسان إلى آلهته: النذور والقرابين والمنح أي الصدقات والعطايا؛ وتدخل الذبائح في باب النذور كذلك١.

ويمكن تقسيم ما تقدم به الجاهليون إلى أربابهم إلى قسمين:

الأول: قسم إجباري يجب الوفاء به بسبب نذر مثلا.

الثاني: قسم تطوعي أي اختياري مثل المنح.

وأدخل في القسم الأول ما يقال له: "خطت، خطات، خطأة".

أي الخطيئة، ويراد بها تقديم فدية عن عمل مخالف قام به إنسان مثل تقديم ذبيحة بسبب دخول إنسان نجس في المعبد٢.

وتلعب النذورة دورا خطيرا في الحياة الدينية عند الجاهليين، حتى صارت عندهم بمثابة المظهر الأول والوحيد، فالعامة لا تكاد تفهم من الدين إلا تقديم النذور للآلهة؛ لتجيب لها طلباتها وتنعم عليها بنعمائها.

والنذور هي وعد على شروط يتوسل الناذر إلى آلهته بأنها إن أجابت طلبا بعينه وحققت مطلبا نواه فعليه كذا نذر يعينه ويذكره.

فهنا عقد ووعد بين طرفين في مقابل تنفيذ شرط أو شروط أحد طرفيه السائل صاحب النذر؛ أما الطرف الثاني فهو الإله أو الآلهة.

وأما الشرط: فهو تنفيذ المطالب التي يريدها الناذر، وأما النذر: فهو أشياء مختلفة؛ وقد تكون ذبيحة، وقد تكون جملة ذبائح، وقد تكون نقودًا، وقد تكون فاكهة وقد تكون أرضًا، وقد تكون تمثالا، وقد تكون حبسا لإنسان يهب نفسه أو


١ نفس المرجع السابق ص٥٠.
٢ تاج العروس جـ١ ص٤٧.

<<  <   >  >>