للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر بعضهم: كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية اقتداء بشرع سابق، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصومه في الجاهلية فلما قدم المدينة صامه على عادته وأمر أصحابه بصيامه في أول السنة الثانية؛ فلما نزل رمضان: كان من شاء صام يوم عاشوراء، ومن شاء لا يصومه، وعللوا سبب صيام قريش هذا اليوم: أنه كان أصابهم قحط؛ ثم رفع عنهم فصاموه شكرًا١.

ورواية: أن قريشا كانت تصوم في يوم عاشوراء لا تتفق مع الروايات الأخرى في كيفية فرض صيام شهر رمضان.

ففي هذه الرواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة رأى يهود تصوم يوم عاشوراء، فسألهم فأخبروه أنه اليوم الذي غرق "الله" فيه في آل فرعون، ونجي موسى ومن معه منهم؛ فقال: نحن أحق بموسى منهم فصامه، وأمر الناس بصومه؛ فلما فرض صوم شهر رمضان لم يأمرهم بصوم يوم عاشوراء، ولم ينههم عنه٢.

التحنث:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في حراء من كل سنة شهرا وكان مما تحنث به قريش في الجاهلية.

والتحنث: التبرر فكان رسول الله يجاور ذلك الشهر من كل سنة يطعم من جاءه من المساكين، فإذا قضى رسول الله جوارا من شهره ذلك كان أول ما يبدأ به الكعبة قبل أن يدخل بيته فيطوف بها سبعة، ثم يرجع إلى بيته.

وذكر: أن ذلك الشهر هو شهر رمضان.

وكانوا إذا تقربوا إلى صنم، أو دعوا ربهم، أو أدوا مناسك حجهم فلا يسألون ربهم إلا متاع الدنيا؛ فمن الناس من يقول: ربنا آتنا في الدنيا، هب لنا غنما، هب لنا إبلا، وفي هؤلاء نزل قوله تعالى: {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا} ... إلخ الآية٣.


١ المفصل جـ٦ ص٣٣٩.
٢ السابق جـ٦ ص٣٤٠، الطبري جـ٢ ص٢٦٥.
٣ سورة البقرة آية ٢٠٠.

<<  <   >  >>